الشيخ حسين شيخ الطريقة النقشبندية في عفرين منذ عشرات السنين و أحد الشهود على حقبة التاريخ المعاصر في المنطقة . فقد ولد سنة ( 1918 ) في قريته ( كوركان فوقاني ) في أسرةٍ فقيرة الحال لكن الذي أعطاه هذه الخبرة في الحياة هو اختباره لها منذ صغره فقد توفي والده و لم يتجاوز السنة و زوِّجت والدته وهو لم يبلغ الثامنة فاحتضنه جده الذي توفي دون أن يبلغ العاشرة فانتقلت حضانته إلى عمه الذي ألقى عليه مسؤوليات الحياة و لم يتجاوز الخامسة عشرة .
|
رغم هذه الطفولة البائسة درس في الكتاب ( الخوجة ) على الشيخ كاظم الأنطاكي ( شيخ من أنطاكية ) العلوم الأساسية المتعارف عليها آنذاك من قراءة و كتابة باللغة التركية القديمة ( الأحرف العربية ) و بعضاً من الفقه الحنفي و شيئاً من التفسير و الحديث و الحظر و الإباحة و هو في الكتاب زارهم الشيخ أحمد لامع تركي من علماء و مشايخ إزميت التركية و كان مأذوناً بالطريقة النقشبندية من الشيخ شرف الدين الداغستاني فتتلمذ الشيخ حسين على يديه و هو في الثالثة عشرة تقريباً . و في النصف الأول من ثلاثينيات القرن الماضي توفي الشيخ أحمد لامع بعد وصول خليفة شيخه من بورصة إلى دمشق و هو الشيخ عبد الله الداغستاني فأتم عليه حتى توفي سنة (1973) بدمشق حيث تم تعيينه مع مريد آخر للشيخ عبد الله هو الشيخ ناظم الحقاني من قبرص خليفتين للشيخ الداغستاني .
ظل يسعى منذ أن أينع في منطقة عفرين إلى نشر الخير و الفضيلة و الأدب و الأخلاق ما أمكنه ذلك و مشهود له أنه من أعلام المصالحات الإجتماعية في عفرين حيث أن قريته و القرى التي حولها لم يكتب فيها ضبط للشرطة يتعلق بالمنازعات لأكثر من ثلاثين عاماً على التوالي حيث كان بفطنته و خبرته في الحياة و سمته الحسن و كلمته المسموعة و لطفه رجل السلام عن جدارة في هذه المنطقة يسعى إلى ذلك بماله و نفسه لا تهمه المصاعب و لا يحسب للمشقة حساباً عالي الهمة جداً . على هذه القاعدة بنى شبكة علاقات واسعة جداً في المنطقة مع أغلب الجهات الاجتماعية و السياسية و الثقافية و الاقتصادية و الشخصيات المهمة لمحاولة التأثير من خلالهم التأثير الإيجابي الذي نذر حياته له .
عاصر الأحداث و التقلبات في المنطقة لأقل من قرنٍ بقليل و كان له رأي في كل ما كان يحدث .
صار خطيباً لجامع صاري أوشاغي المجاورة لأكثر من عشرين سنة حتى بنى في قريته جامعاً كما كان السبب في بناء ما يزيد على ستين بالمائة من جوامع المنطقة حيث ترأس لجنة أوقاف عفرين من أواخر السبعينات إلى أوائل التسعينات حتى تنازل عنها للشيخ إبراهيم خليل عيسى لأنه وجده أقدر عليها منه .
سكن مدينة عفرين سنة ( 1985 ) متابعاً نشاطه لا يشغله شاغل عن هدفه حتى أقعده المرض سنة (2001) حيث أصيب بنقص في التروية الدماغية توقفت على إثرها أطرافه اليمنى عن الحركة و هو مع ذلك لا يدع مناسبة دينية مهمة إلا و يحتفل بها في جامع علي بن أبي طالب ( شيخ شواخ ) القريب من داره و يحضرها المئات من المنطقة و خارجها .
كانت بصمته واضحة في محاولة تخليص التصوف الإسلامي و الطريقة النقشبندية خصوصاً من البدع و المنكرات و الانعزالية حيث حارب هذه الظواهر أشد المحاربة ليعود التصوف إلى الصفاء و النقشبندية إلى نقش القلب بمحبة الله تعالى و العمل على رضاه و ذلك بمقتضى كتاب الله و سنة نبيه.
في السبعينات و حتى الثمانينات كان يبلغ عدد مريديه الآلاف في المنطقة وحدها و محبوه أكثر و لكن التجاذبات السياسية التي ظهرت مؤخراً و كبر سنه و مرضه فيما بعد أثر على هذا العدد رغم أن محبيه لم يتأثروا بكل تلك الظروف فما زالت زاويته التي في داره تستقبل العشرات كل أسبوع .
رأينا أن نجلس إليه و نحاوره عن تجربته التي قضاها في خدمة هذه الحياة فكان الحوار التالي أسئلة جاوب عنها على مراحل بسبب إرهاقه بالمرض و كان ابنه السيد محمد علي يسمع منه معنا و يكتب مصححاً لغته العامية إلى فصحى . صحيح أن إجاباته مقتضبة لكنها غزيرة تدل على خبرة تلك السنوات كلها فتعالوا إليه معنا :
ـ سؤال : شيخنا الفاضل : إذا ما بدأنا معكم منذ البداية : ألم يكن الطريق الذي اخترته لنفسك صعباً في ظروف مرت و تعرفها و نعرفها جيداً ؟
ـ جواب : بسم الله الرحمن الرحيم : صحيح أن الوضع كان بائساً جداً حينذاك حيث الفقر المدقع و الجهل المطبق و ما يشبه المجاعة في كل مجال و كان الاحتلال الفرنسي موجوداً في بلادنا و قطاع طرق و غيرهم يتخوف الناس منهم و يحسبون لهم حساباً لقلة الأمن و كثرة الخوف لكن الأمل كان موجوداً ذلك الذي يشرق في قلوبهم و تهفو إليه نفوسهم يحسون به و لا يستطيعون التعبير عنه كان الأمل هو التغيير كما في الجاهلية الأولى و لكن الفارق بين الحالتين أن العادات و التقاليد شرعية بأكثر من تسعين بالمائة حيث كانت تحض على الفضيلة و حسن الخلق و كانت الفكرة الصوفية أقرب إلى القلب على الصعيد الشخصي و مستساغاً من المجتمع لذلك تذللت الكثير من الصعوبات و يبقى الأهم من كل مهم في هذا السلوك هو الإخلاص حتى تظل المسيرة مستمرة و أسأل الله عز و جل أن يحققه فينا جميعاً .
ـ سؤال : فما هي الفكرة أو الفكر الصوفي و ما هي الطريقة النقشبندية ؟
ـ جواب : مهما اختلفت الآراء و التعابير فالتصوف نبع أصلاً من صفاء السريرة حيث هو بمعنى آخر تصفية الفكر و القلب من كل ما يعكره من أمراض باطنية كالحسد و الكبر و الرياء و النفاق و حب الدنيا المذموم و ليس المحمود الذي به يعمر الأرض و تزدهر فهو إذن تربية للنفس و تزكية لها من خلال التحلي بالصفات الحميدة و التخلي عن الصفات الذميمة هذا مجمله مختصراً أما الطريقة فهي سلوك يؤدي إلى تلك النتائج و أما النقشبندية فمؤلفة من كلمتين فارسيتين أصلاً ( نقش ـ بند ) و يرمز بالاصطلاح إلى نقش القلب بحب الله تعالى و الإخلاص له و العمل لرضاه يعمر بذلك الدنيا و يسعى إلى تحقيق سعادة الدارين الدنيا و الآخرة .
ـ سؤال : فلماذا لا نجد هذه المعاني منذ قرون حيث أدى الخطاب الجاف إلى الابتعاد عن الدين كمنهج حياة ؟
ـ جواب : العيب ليس في المنهج بل في التطبيق و قد أشار مشايخ الطريقة إلى أن كل طريقة تخالف الشريعة فهي زندقة و قالوا : إذا رأيتم الرجل يطير في الهواء و يمشي على الماء و يأكل النار فلا تقربوه حتى تزنوا عمله بميزان الشريعة لأن الشياطين كذلك قادرة على فعل ذلك ... فالدين إما أن يكون لله أو لا يكون . يا ولدي كانوا يستخفون بعقول الناس و الناس في جهل عظيم لكنه على الحقيقة استخفاف بأوامر الله تعالى قبل تلك العقول ليتبوؤا مركزاً أو يكسبوا مالاً من تمشيخهم و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم و ربهم يأمرهم ( و لا تشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً ) و لمخالفتهم هذا الأمر تأخروا و أخروا الناس من بعدهم .
ـ سؤال : فماذا عملت أنت لخدمة هذا السلوك الطيب ؟
ـ جواب : لقد عملت ما أقدرني الله عليه و لن أزيد لأن هذا السؤال ينبغي أن يسأل عنه غيري .
ـ سؤال : هل حققتم ما كنتم تطمحون إلى تحقيقه ؟
ـ جواب : يا و لدي تمضي المتغيرات و تبقى الثوابت فإذا حققنا شيئاً فسيأتي من بعدنا ليحقق المزيد لكن المهم أن نغرس الغرسة الحسنة و نداريها مداراةً حسنةً و نجتهد في ذلك ما استطعنا وليس علينا أن تثمر فالله عز و جل يقول : ( إنك لا تهدي من أحببت و لكن الله يهدي من يشاء ) و يقول ( و ما على الرسول إلا البلاغ المبين ) و نتذكر قصة العجوز الذي كان يزرع الزيتون فمر به أحدهم فقال متهكماً أو تظنك ستأكل من هذه الأشجار فقال له : زرعوا فأكلنا و نزرع فيأكلون ، ليس المهم أن أبلغ ما أطمح إليه المهم أنني قمت بواجبي كما يريد الله عز و جل حسب رؤيتي فنحن نأمر الخلق بالخلق الحسن و نحاول نشر الخير و الفضيلة و الأدب و نسعى للتأثير بالكلمة الحسنة يقول الله عز و جل ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن ) نحن لا نسعى أن يكون الناس نقشبنديون إنما سعينا و نكرر إذ نقول إلى نشر الخير بين الناس و الرسول r يقول ( الخير في و في أمتي إلى يوم القيامة ) .
ـ سؤال : هل تمنيت شيئاً و لم يتحقق ؟
ـ جواب : لقد أردنا أن يتحقق الكثير من الخير لعباد الله تعالى في كل مكان فما تحقق منه حمدنا الله عليه و ما لم يتحقق سألنا الله عز و جل أن يحققه كما نسأله المزيد . يا ولدي : أمنيتنا هي إرادة الخير و المحبة و الرحمة و الهداية لعباد الله تعالى أجمعين و هذا لا يتحقق إلا إذا عملنا جميعاً يداً واحدةً لتحقيق ذلك فساهموا جميعاً في تحقيقه
ـ سؤال : يقولون أنك من أكثر المشايخ تأثيراُ في المنطقة فلا تكاد تخلو قرية منها إلا و لك فيا مريد أو محب فماذا تقول ؟
ـ جواب : يا ولدي ربما يعود ذلك إلى طول العمر الذي أمدني به ربي فأنا في هذا الطريق منذ الثالثة عشرة من عمري و اليوم أنا في التسعين ثم إن الناس الذين تحدثت عنهم لو وجدوني أقول الكلمة ثم أعمل خلافها ما سمعوا مني كلمة أخرى و لو وجدوني في أماكن لا تليق بالمسلم لما سمعوا كذلك إنهم يحبون الفعل لا القول و أرجو أن يكون ذلك واضحاً و نكون جميعا مخلصين في أعمالنا كلها حتى نتخلص من التزلف و الرياء و النفاق و نستبدل بها الصدق و الإخلاص و الحقيقة .
ـ سؤال : فهل بالإمكان ذكر بعض المشاكل التي قمت بحلها في المنطقة ؟
ـ جواب : ما يسر الله عز و جل علينا حلها نسيناها و بقيت في ذكريات أهلها و ما لم ييسر علينا ذلك نرجو أن نكون قد استدركنا تقصيرنا فيها و أن يكتب لنا أجرها فالمجتهد المصيب له أجران و المخطئ له أجر الاجتهاد و هذا أجر سعي للخير و أرجو أن يكون قياساً صحيحاً المهم أن هذا السؤال يسأل عنه أصحابه لا أنا فإن ذكرونا بخير سألنا الله عز وجل لهم الخير و إن ذكرونا بسوء سألنا الله عز و جل لهم الهداية .
ـ سؤال : فماذا تقول في أولئك الذين تكلموا في حقك بما لا يليق ؟
ـ جواب : لقد عاهدت ربي أنني سامحت كل من أذاني قولاً أو عملاً و كل من تطاول علي و كل من لقيت منه سوءً عرفني أم لم يعرفني حتى إذا ما لاقوا ربهم كانوا بريئي الذمة من جهتي فلن أدعي على أحد من خلق الله تعالى غداً يوم القيامة بين يدي ربي و كذلك أطلب من الجميع أن يسامحوني لأكون بريء الذمة كذلك أمام الله عز و جل يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم .
ـ سؤال : فماذا تقول في العادات و التقاليد السائدة الآن ؟
ـ جواب : و هل بقيت العادات اليوم ؟ لقد تغيرت أفراحنا و أحزاننا و لباسنا و طريقة كلامنا و أقاصيصنا التي كان الكبار يحكونها للصغار و حتى ألوان طعامنا و شرابنا لقد انقلب المجتمع عندنا في عفرين على قديمه رغم رغبته الملحة برؤية ذلك القديم لتصويره و تخليد ذكراه لكنه عاجز عن العودة إليه و لم يكن الزمن الذي تغير فيه كل ذلك طويلاً ، قديماً كان كل شيءٍ مختلفاً حتى العلاقة بين الشيخ و المغني فعلى سبيل المثال كانت لنا صلة و ما تزال مع محمد علي تجو المغني المعروف نحترم بعضنا و كل في مجاله يسعى لخدمة المجتمع و كثيراً ما نصحناه و كثيراً ما قبل النصيحة منا حتى أنه ذات مرة رفض الغناء و شرب الخمر في القرية المجاورة لقريتنا ( صاري أوشاغي ) أدباً و احتراماً و تقديراً لنا و من خلال تلك الصلة صار شقيقه عبد الحنان من المريدين المقدمين عندنا لم تكن تلك الفجوة هائلة كما اليوم .
ـ سؤال : لو عرجنا باختصار على حركة المريدين هل كنت معهم و قد كانوا نقشبنديين كما نعلم ؟
ـ جواب : تلك الحركة سياسية بامتياز و إن حملت في بعض الفترات طابعاً عسكرياً و هذا لا يتنافى مع كونها حركة دينية أما عني فلم أعمل في السياسة أبداً و أوصي أولادي بذلك أيضاً لأننا نعمل على الصعد الاجتماعية و لكلٍ دور في الحياة أما كونهم نقشبنديون فهذا صحيح حتى أن الشيخ إبراهيم خليل شيخ المريدين كان مريداً للشيخ شرف الدين الداغستاني ( شيخ شيخي ) لكننا نختلف كثيراً في الأسلوب فقد كان في طبعهم حدة و عصبية أكثر من اللازم و رغم ذلك لم ننقطع عن بعض فقد كانت علاقتنا طيبة مع ( خوجة قورطان ) حتى وفاته و مع رشيد إيبو رحمهما الله و مع حسين سمو و غيرهم و سرت مع الشيخ حنيف في حملته الانتخابية و أوصيته إذا لم تغير أسلوبك هذا في طرح نفسك و ذم خصومك فأنت معرض للاغتيال في أية لحظة ... إيه ... رحمه الله .
ـ سؤال : هل أثر وضعك الذي تفضلت بشرحه على علاقتك بالأغوات حيث حدث ما تعلم بينهم و بين المريدين ؟
ـ جواب : لقد تعلمنا من مشايخنا أن نعامل الناس باللطف نستوعبهم و لا نحتد عليهم مهما كان الذي نتعامل معه و على هذا الأمر سرنا مع الجميع حتى مع الشيوعيين ليس المريدين و الأغوات فقط أما من جهة الطرف الآخر فالسؤال إليهم لا إلينا و استدراكاً على ما فات فإن الحدة في توجيه النصح لا تخلف عند الطرف الآخر إلا تعنتاً و عصبيةً و تكبراً و سوء رد في أكثر الأحيان أما اللطف و الاستيعاب و بسط الوجه و كرم اليد و سماحة القلب مع النصيحة لا بد أن تورث مثلها عند الطرف الآخر على هذا سرنا و سنسير إن أبقانا الله و نأمر أن يسير أولادنا و محبونا . لذلك لم تتأثر علاقتنا سلباً مع أي طرف كوننا نتعامل مع حتى عدوهم .
ـ سؤال : فهل بالإمكان ذكر بعض الشخصيات ذات التأثير في المنطقة من الذين عرفتهم أو تعاملت معهم لحل المشاكل الإجتماعية ؟
ـ جواب : أذكر صديقنا حسين عوني الذي كنت أعتبره مع غيري من مشايخ عشيرة شيخان و فايق شيخ اسماعيل زادة و أحمد زمجي و خليل سيدو ميمي و الشيخ حنيف و الشيخ نور الدين ديرسمي و ابن عمه الدكتور نوري ديرسمي و أحمد خليل آغا / معمل أوشاغي و الشخصيات البرلمانية القديمة و المعاصرين من أمثال شيخ محمد شيخ إسماعيل زاده وصولا إلى عصمت غباري و عبد الحميد الغباري و الكثير من الذين لا أتذكرهم الآن مع احترامي الشديد لكل من ساهم معروفا أو أسدى خيرا لهذه المنطقة عرفته و لم أتذكر اسمه
ـ سؤال : هل تجد في ولدك الحاج علي خليفةً لك في متابعة الطريقة النقشبندية ؟
ـ جواب : يا ولدي الخلافة عندنا ليست بالوراثة بل بالأهلية صحيح أنني بلغت بعض المريدين بذلك أي خلافة علي لي و لكن إن كان هناك من هو أهلٌ لذلك أكثر كانت الخلافة له و هذا سيتحدد بعد رحيلنا من الدنيا و ليس الآن فلماذا تستعجلون ؟
ـ سؤال : المرض الذي أقعدك عن الحركة منذ عام ( 2001 ) .ماذا تقول فيه ؟
ـ جواب : إذا أهداك صاحبك هدية ألا تبتهج ؟ هذا المرض هدية الله تعالى لي و لأهلي يغفر الله به ذنوبنا إن شاء الله . كما أنه ابتلاء من الله لنا .
ـ سؤال : ألا تمل من الوحدة بعد المرض ؟
جواب : الحمد لله يزورني الأحباب دائماً و أزورهم أحياناً و لكن من كان قلبه مع الله فليس في وحدة بل كيف يمل ؟ و أرجو أن يجعل الله قلبي معه في حضرته على الدوام و ها أنتم بزيارتكم لي و تذكركم إياي تؤكدون أن لا وحدة أعاني منها .
ـ سؤال : على هذه الهمة التي نراها لديك كيف كان يومك قبل المرض ؟
ـ جواب : كنا نستيقظ مع الإخوان قبل الفجر بساعتين على الأقل نتوضأ و نصلي و نقرأ القرآن و نذكر الله تعالى ثم نصلي الفجر في جماعة في المسجد و نقعد نقرأ الأوراد الخاصة حتى تشرق الشمس ثم نصلي ركعتين ثم نمضي إلى دنيانا و أحبابنا و أعمالنا حتى صلاة العشاء حيث نصلي و ننام مباشرة دون سهرٍ طويل كما حال اليوم فالليل للنوم و النهار للعمل
ـ سؤال : بماذا تختصر تجربتك في الحياة ؟
ـ جواب : يا ولدي التجارب قلما تتكرر بمفرداتها و لكن العاقل من تذكر ما يؤمن به عند اللزوم و لا ينسى ثوابته عند الإغراءات و لا يسقط في أول امتحانات قناعته . لقد أتيح لي في عمري الذي قضيته بين الناس و في خدمتهم النظر في الكثير من النماذج و الأفكار و الطروحات و لكن الديمومة في هذه الحياة تبقى لمن يريد خدمتها على الحقيقة لا لمن يتسلى بها أو يتاجر أو يصعد على أكتافها فالحياة مدرسة لمن عقلها فقط و حياة لمن أحياها فقط و تاريخٌ لمن صانها و أخلص في خدمتها فقط .
ـ سؤال : فبماذا تنصحنا ؟
ـ جواب : أحبوا بعضكم ففيه تمام الإيمان و ارحموا بعضكم فهو باب رحمة الرحمن و اعلموا أن خلود الذكر في هذه الدنيا لمن صدق فيها و أحسن و ليس لمن جمعها و ادخرها فالخالدون ذكرهم أكثرهم فقراء و رجائي أن تحسنوا الإخلاص في فعل الخير فهو امتحان عسير قلَّ فيه الناجحون و أسأل الله عز و جل أن يهدينا جميعاً سواء السبيل و يحفظكم و إيانا من البلاء الدنيا و عذاب الآخرة إنه على ما يشاء قدير . و جزاكم الله خيراً . و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم .
صور جنازة المغفور له الشيخ حسين علي الذي توفي في 18 / 11 / 2008
عفرين 1 / 2 / 2008
اعداد الحوار : عبدالرحمن حاجي عثمان بالتعاون مع الحاج علي ابن الشيخ حسين