الفن والثقافة والتراث هوية الشعوب ... فلنحافظ على تراثنا الفلكلوري الكردي ..... لمتابعة آغاني الملاحم الكردية والتراثية اضغط هنا  ::::   أحبتي زوار موقع تيريج عفرين ..... قريباً سيعود الموقع إلى نشاطه السابق . ::::   آخر لقطات بعدسة تيريج عفرين .... شاهد الصور  ::::    شاهد الآن كليب تيريجن عفرين 4.... تيريج روج آفا - الجزء الرابع  ::::    الوديان في منطقة عفرين ... اقرأ المزيد  ::::    سياحة من تراثنا الشعبي ..... المضافات في منطقة عفرين ودورها الاجتماعي  ::::   أهلا بكم في موقع تيريج عفرين ....... Hûn bi xêr hatin :::: 
EN
Mon - 29 / Apr / 2024 - 16:23 pm
 
 
http://www.tirejafrin.com/site/m-kamel.htm
الزاوية الأدبية »
نوروز وإشراقات الوعي القومي الكردستاني

دراسات في الفكر القومي الكردستاني
 ( الحلقة 27 )
نوروز وإشراقات الوعي القومي الكردستاني
نَوْرِزونا كلَّ يوم!!
الكُرد ليسوا الشعب الوحيد الذي يحتفل بـ (عيد نُورُوز) Nû- Roj رأس السنة الكُردية في 21 آذار/مارس من كل سنة، وإنما تحتفل به الشعوب الآرية الشرقية من أفغانستان إلى كُردستان. وكانت هذه الشعوب تحتفل كل سنة بمناسبة أخرى تسمّى (عيد مِهْرجان) أيْ عيد (روح الشمس) باعتبار أن كلمة (مِهْرْ) Mihr من أسماء الشمس، وكلمة (جان)Can  تعني (روح). وتحوّل اسم نُورُوز في العربية إلى (نَوْرُوز= نَيْرُوز)، وتحوّل اسم مِهْرْجان إلى (مَهْرَجان)، وما زال يُطلَق على الاحتفالات الكبيرة. (الفِرْدَوسي: الشاهنامه، ص 19. أمين عبد المجيد بدوي: جولة في شاهنامة الفردوسي، ص 39.).
وحينما سيطرت دولة الخلافة العربية على بلدان الشعوب الآرية، ظل الاحتفال بهذين العيدين مستمراً منذ عهد الخلافة الأولى (الراشدة)، وبما أن الفرس كانوا أصحاب الدولة والثقافة والثروة قبل الإسلام، ارتبطت مناسبتا (نُوروز، ومِهْرْجان) في مصادر التراث العربي بهم، وصُنّفا ضمن (أعياد الفرس). وكالعادة كان الفرس والكرد يتناولون فيهما الأطعمة اللذيذة، ويهدونها إلى الجيران، وقد قدّموا الفالوذَج (حلوى من النّشا والماء والسّكّر أو العسل وموادّ أخرى) إلى الخليفة الراشدي الثالث عليّ بن أبي طالب، " فأكل منه، وقال: ما هذا؟ قالوا: يومُ النَّوْرُوز. فقال: نَوْرِزُونا كلَّ يوم"! (موسوعة مواقف السَّلَف في العقيدة والمنهج والتربية، 7/231.). وفي رواية أخرى أن ثابت بن النُّعمان بن المَرْزُبان (والد أبي حَنِيفة النُّعمان، إمام المذهب السُّنّي الحَنَفي) "أهدى لعليّ بن أبي طالب الفالوذَج في يوم المِهرجان، فقال عليّ: مَهْرِجُونا كلَّ يوم"! (ابن خَلِّكان: وَفَيات الأعيان، 5/405 – 406).
ومع هذا يفتي بعض مشايخ الإسلام السياسي بتحريم عيد نوروز، ويبرّرون فتاويهم بأنه من أعياد المجوس (الكفّار!!)، لكن هدفهم الحقيقي هو طمس كل ما له علاقة بالتاريخ الكردي وبالهوية الكردستانية، ويتجاهل هؤلاء أن الاحتفال بعيدَي نُوروز ومِهرجان استمرّ في الخلافتين الأُمَوية والعبّاسية، وكان الخلفاء يستقبلون فيهما الوجهاء، ويمدحهم الشعراء، وكانوا يتلقّون الهدايا، بل سنّوا مراسيم خاصة للحصول عليها، ونذكر على سبيل المثال أن الخليفة الأُمَوي الأول مُعاوية بن أبي سُفيان "طالبَ أهلَ السَّواد [جنوب العراق] بأن يُهدوا إليه في النّوروز والمهرجان. ففعلوا ذلك، فبلغ عشرة آلاف ألف [عشرة ملايين] درهم" (مِسْكَوَيه: تجارب الأُمم وتَعاقب الهِمم، 2/ 22. وانظر الطَّبَري: تاريخ الرسل والملوك، 9/184).
لعبة تحريف التاريخ:
ولن نطيل البحث في جذور (نوروز) من المنظور التاريخي، فالغموض يحيط بأحداثه وشخصياته، ويبدو أنه كان في الأصل ذا طابع ديني فلكي مرتبط بالشمس (محور العقائد الآرية) وبفصول السنة، ثم ارتبط بحدثٍ قومي ووطني مهمّ، وليس من المستبعَد أن يكون ذلك الحدث هو القضاء على طاغية كان يحكم الكرد، فما أكثر الطغاة المحتلين الذين ابتُلي بهم الكرد! وما أكثر الشجعان الكرد الذين  قاوموا الطغاة ببطولة منقطعة النظير!
ولم يَسْلَم عيد نوروز من مكر نُخب الفرس القدماء، إنهم اختطفوه وأكسبوه طابعاً فارسياً، وجعلوه جزءاً من التراث الفارسي. إنهم لم يكتفوا باحتلال مملكة ميديا، وإنما أوغلوا في تشويه سيرة الملك الميدي الأخير أَسْتياگ، وسمّوه (أَزْدَهاك = آژي دهاك = أَژْدَها) أي التنّين، ولفّقوا قصة نموّ التنّينَين على كتفيه، وإطعامهما دماغَي شابين كل يوم لتخفيف الألم، وأسندوا مهمّة الثورة على أَزْدَهاك إلى الحدّاد الأصبهاني (كابَى/ كابَيان)، وقد تناولنا هذا الموضوع بإيجاز في كتابنا (مملكة ميديا، ص 87 – 90)، ثم تناولناه بشيء من التوسّع في كتابنا (صورة الكرد في مصادر التراث الإسلامي، ص 157 – 190)، وللمزيد من الاطّلاع حبّذا العودة إلى (مدوّنتنا على الرابط: http://ahmedalkhalil.wordpress.com/ - القسم العربي- سلسلة المؤامرة على الكرد: الحلقة 6 - والحلقة 7 - والحلقة 17).
وقد بدأ نُخب الفرس منذ القرن (3 هـ = 9 م) في إحياء تاريخهم الأسطوري، وصاغه الشاعر الفارسي أبو القاسم الفِرْدَوْسي (توفّي حوالي 411 هـ = 1020 م) في ملحمة (شاهْنامَه)، ودسّوا أساطيرهم في مصادر التراث العربي، بما فيها أسطورة أزدهاك والتنَينَيْن، ومحوا كلَّ ذكر لدولة ميديا، ودمجوا تاريخها في التراث الفارسي، وما اكتفوا بذلك، بل جعلوا الكرد من سلالة الشبّان الذين نجوا من بغي أزدهاك، ولجأوا إلى الجبال؛ مع أن أسلاف الكرد عاشوا في جبال زاغروس وأطرافها قبل أن يصل الفرس إلى غربي آسيا بلا أقل من سبعة آلاف عام، وتلقّف المؤرخون المسلمون كعادتهم تلك الروايات الفارسية الملفَّقة، وقدّموها إلى الأجيال على أنها تاريخ لا شك فيه (المسعودي: مروج الذهب، 2/122 – 123).
نوروز.. ويقظة الوعي الكردستاني:
ولْنَعد إلى موقع (عيد نوروز) في الذاكرة الكردستانية، فالكرد- حينما يحتفلون به- لا يتناولونه من المنظور التاريخي التفصيلي، ولا يدققون النظر في مدى واقعية أحداثه، وإنما يتعاملون معه باعتباره رمزية كردستانية عريقة، ويقومون بعملية إسقاط سيكولوجية وقومية ووطنية ودينية متشعّبة المعاني، عميقة الدلالات، يتوحّد فيها الحاضر بالماضي، والأحفاد بالأسلاف، والثقافة بالسياسة، والواقع المُرّ بالأمل المشرق.
إن الكرد لا يدقّقون النظر في هوية كلٍ من (أَزْدَهاك وكاوا)، تُرى أين عاشا تحديداً؟ ومتى عاشا؟ وهل هذان اسمان أم لقبان؟ وهل كان أزدهاك كردياً أم كان من الحكّام المحتلين؟ إن أزدهاك في الذاكرة الكردستانية لم يَعُد شخصاً محدَّداً، إنه أصبح رمزاً إلى كل طاغية صبّ قهره على الأمّة الكردية، بل أصبح رمزاً إلى كل طاغية في العالم، وبما أن الكرد يعانون طوال 25 قرناً من الاحتلالات، فإنهم يتصوّرون لا شعورياً أن أزدهاك أحد طغاة الأنظمة التي تحتل كردستان.
أما كاوا الحدّاد فيعتقد الكرد أنه كردي أبيّ شجاع، لم يسكت على طغيان أَزْدَهاك، فثار ضدّه وقضى عليه، ولذلك يقوم بعض الكرد في (عيد نوروز) بدور كاوا؛ ذلك الحدّاد الذي كان يهوي بمطرقته على الحديد، فيصنع منه ما يفيد الأمّة، ثم هوى بها على رأس الطاغية أزدهاك، وأنقذ الأمّة الكردية من بغيه، وهذا الاعتقاد الراسخ في الذاكرة الكردستانية جعل الكرد يقيمون التماثيل لـ (كاوا)، ويُطلقون اسمه على أبنائهم من باب التيمّن والاعتزاز.
وخلال سيطرة العثمانيين على معظم كُردستان حوالي خمسة قرون، أُدخل عيد نوروز في عَتَمة التاريخ مع كل ما يتعلق بالأمّة الكردية. لكنه انبعث من جديد في النصف الأول من القرن العشرين، وتحديداً مع انبعاث الروح الكردستانية، وتراجعِ الطابع القَبَلي والديني والمذهبي، وغلبةِ الطابع القومي الوطني على الجمعيات والحركات والأحزاب الكردستانية، وخاصة مع تأسيسِ أول جمعية كردية سنة 1908 في إستانبول باسم (كوردي تَعاون جمعيّتي = جمعية تَعالي وتَرقّي الكُرد) (زنار سلوبي: في سبيل كردستان، ص18).
إن نُخَب كردستان رجعوا إلى ينابيع التراث الكردستاني، وأزاحوا عن (نوروز) غبار القرون، واستلهموا منه الشعور بالفخر والعنفوان والتحدّي والأمل، واتّخذوه قاعدة صلبة لإعادة تأسيس الشخصية الكردستانية الأصيلة، ولاستعادة الهوية الكردستانية النقية، ولإيقاظ الوعي القومي والوطني؛ استعداداً لإشعال نيران الثورات ضد أنظمة الاحتلال في كردستان.
مطرقة كاوا.. ومشاريع التوحّش:
إن (نوروز) ليس عيداً لرأس السنة الكردية فقط، ولا عيداً لاستقبال الربيع فقط، وإنما يجسّد تَوْقَ الكردستاني إلى الارتباط الروحي بالأسلاف العظام في كل ما هو أصيل ونبيل وجليل وجميل، تَوْقَه إلى إحياء أمجاد الجُوتيين، والكاشّيين، والحُوريين/الميتّانيين، والخَلْديين، والميديين، تَوْقَه إلى الارتباط بجغرافيا كردستان جبلاً وسهلاً ونهراً، زهراً وشجراً وبشراً.
أجل، بإشعال نار (يّزْدان)، وارتداء الأزياء الكردستانية البهيجة الألوان، وخاصة أزياء النساء الكرديات، وبتَرداد الأغاني والموسيقى التراثية، وممارسة الرقصات التراثية بشكل جماعي، وبمجاورة الطبيعة الكردستانية البِكر (أعشاب، أزهار، أشجار، جبال، وديان، ينابيع، أنهار)، يتماهى الكردي مع جذوره المتأصّلة في عمق التاريخ، ويسترجع روحه الحضارية المشرقة المنفتحة على الكون كله، وتتطهّر شخصيته من الآثار السلبية التي تسلّلت إليها في قرون القهر وثقافات الصهر والاحتلال.
في يوم نوروز يتقمّص الكردي شخصية كاوا الحدّاد، رمزِ الثورة على الطغاة من أيّ جنس كانوا وفي أيّ عصر كانوا، ورمزِ التحرر من ثقافة العبودية والخوف، ورمزِ العبور إلى عالَم جميل بلا طغاة. وتتجدّد في أعماق الكردي إرادة العيش في وطن بلا محتلين؛ ولذلك عمل (الطغاة الجدد)- قادة أنظمة الاحتلال- بكل وسيلة لانتزاع عشق نوروز من قلب الكردي، أطفأوا النيران، واعتقلوا، وسجنوا، وعذّبوا، وقتلوا، لكن خابت مساعيهم، وتهاوت مشاريعهم المتوحّشة تحت ضربات مطرقة كاوا العظيم.
إن انبعاث عيد نوروز في التاريخ الكردستاني الحديث كان فاتحة جولة جديدة من الصراع بين أهورامَزدا وأهريمان، بين النور والظُّلمة،  بين الكرد والطغاة، وسيكون- عاجلاً أم آجلاً- المشعلَ الوقّاد الذي يضيء الطريق إلى كردستان الحرة المستقلة.
ومهما يكن، فلا بدّ من تحرير كردستان!
15 – 5- 2013
---------
توضيح: سبق أن نُشرت هذه الدراسة في العدد 11 من مجلة Pênûsa nû الإلكترونية.
Feqî Kurdan (Dr. E. Xelîl)

 


هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

إسمك :
المدينة :
عنوان التعليق :
التعليق :


 
 |    مشاهدة  ( 1 )   | 
http://www.tirejafrin.com/index.php?page=category&category_id=204&lang=ar&lang=ar