حالة إنكار
الى حبيبتي .. الخريف قد مضى و أخذ معه ما يكفي من أوراق الشجرة حتى أصبحت عارية تضربها العواصف و تبتعد عنها الطيورُ ، ولم يبقى من الخريف أثر غير انه كان خريف أسقطَ من الأوراق ما يكفي و رحل .
الى غاليتي .. شئتُ أم أبيت ، حلَّ الشتاء ضيفاًً ، أصبحتُ أتقوقع في زاوية من زوايا المجهولِ ، في ليالٍ طوال ، أتقلب ذات اليمين و اليسارِ ، أبحثُ عن دفء قد فقدته ، عن مؤنسٍ يحكي لي قصة خرافية ، مجنونة .. يحدثني عن خيالاتٍ دونكيشوتية .. لعلني أغفو قليلاً ، أحلمُ حُلما كما كنت أنا عندما كنا نمضي ساعاتنا ولم أكن أريدها تنتهي ، فانتهت ......... .
الى تلك الجميلة .. أيُّ المواسمِ يكون الربيعَ وأنتِ فيه غائبة ، أيُّ الحدائق تفوحُ منها عبق الزهورِ ورياحينها وهي تفقد عبيرها ، أية خاطرة ، وأية فكرةَ عيدٍ جديدٍ ستكون إن لم اكتبُ لكِ فيها كلمات لم تكن في مفرداتي السابقة .. فالربيعُ وعطر الورودِ وعبق الزهورِ وقصائد الكلمات و أنتِ .. حالةٌ واحدة ،،، تختل الموازين متى تخلَّفت إحدى تلك العناصر و تصبح الأنشودة مشلولة و العيد لن يكتمل .
الى حبيبتي .. الأهازيج والأفراح ، أُجِّلَت الى صيفٍ آخر غير الذي سيأتي ، كما كان غير الذي مضى ، ومواسم طقوس الحفلاتِ .. هي الأخرى قد تأجلت الى آجلٍ غير مسمى ، فأصبح الأمرُ مثل حالة ذلك الطفل المعوق ، الميؤوس منه و يراه الجميع كيف يعاني دون مُنقذٍ أو مُسعف ، وأصبحت كل المواسم ، مجرّد فصول تأتي و تذهب و هي تظن أنها تأخذ من العمرِ ما يمكنها وقد تكون الحالة كذلك .. لكنها هي الأخرى ستكون مجرد فصولٍ تأتي و تمضي بعدما كانت لكلِّ منها عبرة و لكل منها قصيدة و ذكرى مميزة ، ولعلها هي الأخرى قد خسرت ما يكفي .. كلانا فعل فعلته ، و كُلٌّ منا ألغى الآخر ، فما أصعب الحالة عندما تكون نكرة في الوجودِ .
17/ 112 / 2009
مصطو الياس الدنايي /شنكال