الفن والثقافة والتراث هوية الشعوب ... فلنحافظ على تراثنا الفلكلوري الكردي ..... لمتابعة آغاني الملاحم الكردية والتراثية اضغط هنا  ::::   أحبتي زوار موقع تيريج عفرين ..... قريباً سيعود الموقع إلى نشاطه السابق . ::::   آخر لقطات بعدسة تيريج عفرين .... شاهد الصور  ::::    شاهد الآن كليب تيريجن عفرين 4.... تيريج روج آفا - الجزء الرابع  ::::    الوديان في منطقة عفرين ... اقرأ المزيد  ::::    سياحة من تراثنا الشعبي ..... المضافات في منطقة عفرين ودورها الاجتماعي  ::::   أهلا بكم في موقع تيريج عفرين ....... Hûn bi xêr hatin :::: 
EN
Thu - 2 / May / 2024 - 14:54 pm
 
 
http://www.tirejafrin.com/site/m-kamel.htm
الزاوية الأدبية »
الحلقة الثانية والعشرون - من كونوفوشيوس.. إلى نيتشه

1 – آلهة.. وقرارات.

·     قَدَرنا هو أنا وجدنا أنفسنا في هذا العالم.

وقد جاء في الكتابات السومرية قبل الميلاد بحوالي ثلاثة آلاف عام:

     " أطلّ كبير الآلهة مَرْدُوك  يفكّر.. كانت الآلهة بحاجة إلى من يصلّي لها ويعبدها.. لتكنِ المعجزة هي خلق الإنسان!. وانحنى مردوك على الأرض، وشرع يعجن التراب بدمائه.. وصنع من الطين أناساً يقومون على خدمة الآلهة والصلاة لهم وعبادتهم.. وهكذا خُلقت البشرية ".

بلى.. خلقت الآلهة البشر، ثم ندمت على فعلتها.

أصبح البشر عنصر شغب.

فضاقت بهم الآلهة ذرعاً.

وراحت تدبّر لهم المشاغل.

·    وتقول الأديان السماوية:

هناك قرار إلهي صدر.. " كُنْ فيكون"!.. فكنا وما زلنا!.. وثمة قرار إلهي آخر سيصدر يوماً ما.. وعندئذ سيكون (الفناء).. ثم تكون (القيامة)!.. وعندئذ لن نكون في هذا العالم.. بل سنجد أنفسنا جميعاً في (العالم الآخر).

·     ويقول علماء الفلك والطبيعة والحياة:

قبل مليارات السنين ثمّة نجم هائل الحجم انفجر.. فكانت الأفلاك والمجرات.. وكان البشر وكانت الحشرات.. وقبل ذلك كان الكون سديماً.. كان غازاتٍ وغباراً ومواد أخرى.. هذه المواد الغازية الغبارية تجاذبت.. فتقاربت، فتكتّلت، فانضغطت.. الانضغاط الشديد أنتج حرارة شديدة.. الحرارة الشديدة جعلت كل شيء يتحوّل إلى غازات ملتهبة.. الغاز الحارّ فرّ من الكتلة الملتهبة نحو الخارج.. إلا أن الكتلة الملتهبة جذبتها بشدة نحو الداخل ثانية.

·    وأخيراً توازنت قوّتا الفر والجذب الكونيتان.. فكان النجم.. وتحت تأثير الانهراب والانجذاب كان الدوران.. بلى.. راح النجم يدور! (لا حظوا كم في حياتنا- نحن البشر- من انهراب وانطراد وانجذاب)!

·    النجم الكوني الهائل الأول لم يكن وديعاً مطمئناً.. كانت فيه تناقضات؛ قوى هاربة/ طاردة.. وأخرى حميمة جاذبة..التناقضات أولدت صراعات.. (لاحظوا ما أكثر الصراعات في تاريخنا نحن البشر)! سمّى العلماء تلك الصراعات (انفجارات).. الانفجارات أولدت نجوماً جديدة.. (لاحظوا ما أكثر الانفجارات في تاريخ البشر! وكم دمّرت تلك الانفجارات دولاً وأقامت دولاً)!

·    النجوم الجديدة حملت جينات أمهاتها معها.. فورثت التناقضات والصراعات ذاتها.. (نحن البشر أيضاً نحمل جينات أجدادنا الثقافية؛ لذا كم نتصارع)!.. فكانت فيها انفجارات أيضاً.. وكانت الكواكب.. النجوم شموس تُصدر الحرارة والضوء.. أما الكواكب فهي أجرام صماء.. إنها قادرة فقط على أن تعكس الضوء.

     (كم في المجتمعات البشرية من بشر شموس، وبشر كواكب)!

2 – استراحة!

كنت في الصف الأول الثانوي سنة (1963)، وكان لنا أستاذ في مادة الكيمياء اسمه (نجم)، وأشهد أن الرجل كان مخلصاً في دروسه، صادقاً في عطائه العلمي، وكان يحاول جاهداً تقريب الرموز الكيميائية المعقّدة إلى عقولنا، لكن بلا جدوى.. ولا أدري هل كانت طريقته التعليمية النظرية غير مجدية، أم أن قدراتنا العقلية كانت لا تتجاوز مدارات فكر العصر البدائي، وأحسب أن الأمرين تفاعلا على نحو عجيب.

والمهم أني كنت أخرج في نهاية الدرس وأنا لم أفهم إلا اليسير مما كان الأستاذ (نجم) يُجهد نفسه لإفهامنا إياه. وذات مرّة – والأستاذ نجم منشغل بشرح الدرس- وكزني زميلي المشاغب المرح (سعيد شاهين) سائلاً: " أحمد هل فهمت الدرس " ؟! إذ كان يهمّه جداً أن أفهم أنا الدرس وليس هو، فالرجل كان قد أعفى نفسه من تلك المهمة، ليتفرّغ للقَفْشات الظريفة، وكانت عبقريته الحقيقية تظهر أيام الاختبارات، فكان يناور ويداور ويصر على أن يملأ ورقته بما أكتبه أنا في ورقتي. وكان كرمي الريفي يساعده على الوصول إلى بغيته دون عناء، شريطة أن يجنّبني الدخول مع الأساتذة في مواقف لا تُحمد عُقباها.

في ذلك اليوم أجبت على تساؤل (سعيد) بأن كتبت على دفتري:

 سمَّوْكَ نجماً في العلومِ فأخطأوا      يا ليتهم سمَّوك فيها كوكـبا

ما كان القصد حينذاك أن أسيء إلى أستاذنا (نجم)، فأزعم مثلاً أنه لم يتمثّل المادة التي يدرّسها، فكان كالكوكب، ولم يكن نجماً حقيقياً يشعّ ألقاً وضياء. وحينما ألقي نظرة فاحصة على سيرتي مع أساتذتي، من المرحلة الابتدائية إلى مرحلة الدكتوراه، أجد أني كنت أحترمهم، ولا أخرج في علاقتي بهم عن حدود اللياقة واللباقة. إن بيت الشعر ذاك كان تنفيثاً عن كربة طالب شغف بالأدب عامة، وبالشعر خاصة، وعجز عن فهم درس علمي صعب، فوجد في الشعر ما يخفّف عنه كربته.

وبعد سنين وقع بين يديّ كتاب (مثالب الوزيرين)، ويسمّى (أخلاق الوزيرين) أيضاً، لأبي حيّان التوحيدي (ت حوالي 400 هـ/ 1009م)، وقرأت فيه أن الوزير الصاحب بن عَبّاد كان شديد الشغف بالسجع، إلى درجة أنه كان يتكلّفه ويتمحّله في كل موقف، وكتب ذات يوم رسالة إلى قاض بمدينة قُمْ (من المدن الهامة في إيران)، بشأن بعض الأمور، فكتب: " أيها القاضي بقُمْ،... ". وأراد استكمال السجعة، فاستعصت عليه، وخانته قريحته، فكتب: " أيها القاضي بقُمْ، قد أقَلْناك فقُمْ ". ولما وصلت الرسالة إلى القاضي، قال: " والله ما أقالتْني إلا السجعة "!

كنت في بيت الشعر ذاك قريباً من سجعة الصاحب بن عبّاد.

لكني كنت، من حيث لا أدري، أربط الفرع بالأصل.

وأمارس فلسفة وحدة الكون.

وهذا هو المهم.

3 – عندما اكتشفت قبيلتي.

·    وليكن عَوْد على بدء.

قلتُ: قَدَرُنا أننا وجدنا أنفسنا في هذا العالم.. وكي نفهم أنفسنا جيداً ينبغي أن نفهم هذا العالم.. وكي نفهم هذا العالم ينبغي أن نقرأه جيداً.. بلى، ينبغي أن نتأمّله، ونتعمّق في فهمه.

·    ويفيد علماء الطبيعة أن كل ما في العالم من جماد وحياة يعود إلى مجموعة من العناصر، ويعود كل عنصر إلى مجموعة من الذرّات.. أنا وكل ما في هذا العالم ننتمي إلى أسرة واحدة، وحريّ بي أن أبحث عن أصلي باهتمام، فثمة بيني وبين كل في هذا الكون صلة رحم وثيقة.

     صلة الرحم لم تعد مطلباً أخلاقياً فقط.

لقد باتت صلة الرحم ضرورة كونية.

·    ولكل ذرّة نواة.. وفي النواة نيوترونات وبروتونات.. وتدور حول كل نواة مجموعة من الألكترونات.. وتختلف العناصر بما في نواة ذرّاتها من نيوترونات وبروتونات.. أما البروتون فيحمل شحنة كهربائية موجبة.. وأما الألكترون فيحمل شحنة كهربائية سالبة.. وبفضل هذا التناقض تتعادل الذرّة كهربائياً.. فلا موجب ولا سالب.

·    وأما النيوترونات فهي كائنات لا هي سالبة ولا هي موجبة.. حسناً.. فالنيوترونات إذاً كائنات متعادلة ذاتياً.. النيوترونات كائنات حيادية؛ لذا فهي العنصر الجوهري في التفاعلات الذرية.. أرأيتم إذاً كيف أن التناقض أصلٌ في العالم الحي وغير الحي؟!.. وأن التناقضات ضرورية لوجود (الكائن المتعادل ذاتياً)؟!

أجل.. الكائن المتعادل ذاتياً هو مانح الطاقة وصانع التغيير.

العباقرة والعظماء من الكائنات البشرية هم المتعادلون ذاتياً.

هؤلاء هم الذين يرسمون المسارات الناصعة للتاريخ الإنساني.

وهؤلاء هم الذين يجيدون قراءة الذات وقراءة التجلّيات.

وهؤلاء هم الأوسع معرفة، والأعمق فهماً.

·    ويفيد علماء الحياة أن كل ما فيه حياة في هذا العالم يعود إلى الخلية.. لقد اكتُشفت جدّتنا الأولى (الخلية) سنة (1663م).. اكتشفها العالم الإنكليزي روبرت هوك.. عندئذ علمنا أن الخلية هي الوحدة الأساسية لجميع الكائنات الحية.. وأن عدد الخلايا في جسم الإنسان يُقدَّر بحوالي ستين بليون خلية.. الخلية إذاً هي جدّتنا الكبرى.

     عذراً ياجدّتنا الكبرى (الخلية)!

     لقد تأخّرنا كثيراً في الاهتداء إليك!

·    من خلالكِ – ياجدّتنا الكبرى- عرفت جميع أقاربي من الكائنات الحية.. أنا والعشبة والحشرة والفأر والفيل والحمامة والنسر من أرومة واحدة.. حقاً.. نحن ننتمي جميعاً إلى قبيلة اسمها (الخلية).

     ربّاه! كم هي كبيرة وهائلة ورائعة قبيلتي الحقيقية!

     فهل من المعقول أن أدير لها ظهري؟!

     أليس من الحمق أن أعاديها؟!

4 – بحث عن السوبرمان.

    لقد دعا الفيلسوف الألماني فردريك نيتشه بحرارة إلى (الإنسان الأعلى)؛ الإنسان الأعلى في فلسفته هو (السوبرمان).. هو المتفوّق على ذاته، هو الذي يرتقي على كل انحطاط، ورمز نيتشه إلى الإنسان الأعلى بالنبي الميدي زَرْدَشْت (عاش في القرن السادس قبل الميلاد)، ودعا الإنسان الأعلى إلى أن يأخذ بأيدي البشرية نحو الأصالة، نحو النور، نحو المعرفة، قال نيتشه يخاطب زردشت: " لقد كنت تحمل رمادك إلى الجبل يا زارا!.. فهل أنت تحمل الآن نارك إلى الوادي "؟!

   الإنسان الأعلى هو الكائن الأعمق معرفة، وهو الأكثر أصالة، وهو الأكثر قدرة على التوحّد بجذره الكوني، إنه ذاك الذي يكتشف وحدة الكون، ويعمل لبناء علاقات سليمة مع ذوي رَحِمه من الأحياء. وعندما يكون كذلك تفيض الحكمة من أقواله، وتتدفّق الإنسانية في أفعاله.

   اكتشف الحكيم الصيني كونغ فو دزه المعروف باسم كونفوشيوس (ت حوالي 478 ق.م) تلك الحقيقة، فأوقف عمره على نشر الحكمة، وإرشاد الملوك والأمراء والولاة والعامة إلى الصواب، وخرج على البشرية بشعاره الرائع: " لا تفعل بغيرك ما لا تحبّ أن يُفعَل بك ". 

   واكتشف الأمير الهندي سيدهاتا غاوتاما (ت حوالي 470 ق.م) تلك الحقيقة الكونية، فهجر الترف والإمارة والحكم، وخاض تجربة معرفية كبرى تحت شجرة (بُو)، شجرة الحكمة، وأصبح (بوذا = المستنير)، وأهدى إلى العالم شعاره الرائع: " السلام على جميع الكائنات "!

    واكتشف الفيلسوف الإغريقي أنباذوقليس تلك الحقيقة الكونية، فأصبح إنساناً آخر، وأنهى حياته سنة (430 ق.م) بأن قذف بنفسه في فوّهة بركان، مصرّاً على العودة إلى أمه الأولى (الطبيعة).. إذ اعتقد أنه فُصل عنها قسراً.

5 – مهمّات كونية.

   وقديماً هوجم كل عبقري اكتشف وحدة الكون ووحدة الأحياء.. إنهم اتُّهموا بالهرطقة والضلال، وأحياناً بالكفر، وحوربوا من ثَمّ بقسوة.. ونُفوا، وحُكم على بعضهم بالموت بعد أن ماتوا.. إن أعداء القراءة وخصوم المعرفة هم الذين قادوا تلك الحملات الظالمة.. وما زالوا يفعلون ذلك بعناد وشراسة.

   ألم يحرقوا كتب الفيلسوف ابن رشد (ت 595هـ/ 1189م)؟!

  ألم يأمروا العامة بقتل محيي الدين بن عربي سنة 638هـ/ 124م).

  هؤلاء يرتعدون خوفاً من الذين يقرؤون.

  ويحقدون بمرارة على الذين يعرفون.

  إنهم يريدون مجتمعاً من المغفّلين والعُميان.

  يريدون كائنات تنخلع من جذرها الكوني.

  إنهم عشّاق الظلمات.، ومنتجو الظلاميات.

  لذا يريدون كائنات تنتمي إلى الظلمات والظلاميات.

  حقاً .. لا يكفي أن نرتقي بأنفسنا.

  ينبغي أن نرتقي بهؤلاء أيضاً.

  فهم أعضاء في قبيلتنا الكونية الكبرى.

  ولا ينبغي أن ندير لهم ظهورنا.

(وإلى اللقاء في الحلقة الثالثة والعشرين ).

15 - 4- 2005   الدكتور أحمد الخليل dralkhalil@hotmail.com


هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

إسمك :
المدينة :
عنوان التعليق :
التعليق :


 
 |    مشاهدة  ( 1 )   | 
http://www.tirejafrin.com/index.php?page=category&category_id=204&lang=ar&lang=ar