الفن والثقافة والتراث هوية الشعوب ... فلنحافظ على تراثنا الفلكلوري الكردي ..... لمتابعة آغاني الملاحم الكردية والتراثية اضغط هنا  ::::   أحبتي زوار موقع تيريج عفرين ..... قريباً سيعود الموقع إلى نشاطه السابق . ::::   آخر لقطات بعدسة تيريج عفرين .... شاهد الصور  ::::    شاهد الآن كليب تيريجن عفرين 4.... تيريج روج آفا - الجزء الرابع  ::::    الوديان في منطقة عفرين ... اقرأ المزيد  ::::    سياحة من تراثنا الشعبي ..... المضافات في منطقة عفرين ودورها الاجتماعي  ::::   أهلا بكم في موقع تيريج عفرين ....... Hûn bi xêr hatin :::: 
EN
Thu - 2 / May / 2024 - 15:41 pm
 
 
http://www.tirejafrin.com/site/m-kamel.htm
الزاوية الأدبية »
الحلقة السادسة والعشرون - الطريق إلى النجاح!

1 – شاة الأعمش!

جاء في بعض المصادر القديمة أن الأعْمَش – وهو من التابعين والمحدّثين والفقهاء المرحين- كان إذا ضاق صدره، يُقبِل على شاة له كانت في الدار، فيحدّثها بالأحاديث والأخبار، حتى قال بعض أهل الحديث: ألا ليتني كنت شاة الأعمش!

وأنا.. ترى هل يضيق صدري، فأفعل كما فعل الأعمش؟!

هل هذه الحلقات بالنسبة لي هي مثل شاة الأعمش؟!

هل هي نافذة أطل من خلالها على ذاتي قبل أن أطل على غيري؟!

هل هي حديث إلى (الذات) لكن عبر (الآخر).

ولماذا ننجذب إلى الحديث عن (الذات) عبر (الآخر)؟!

ترى ألأننا ألفنا أنفسنا، فمللناها وملّتنا، وسئمناها وسئمتنا؟!

أم لأننا نكون عبر (الآخر) أكثر قدرة على اكتشاف أنفسنا؟!

ربما.. بل هذا ما أرجّحه.

2 – خطورة الكتابة.

ومهما يكن فإن للكتابة عن الذات خطورة من جهتين:

·  فمن جهة لا تخلو حياة المرء من جوانب مضيئة، ومن ميزات وحسنات، وكي تستكمل اللوحات جميعها، وترسم صورة متكاملة للمشهد الحياتي، لا ترى بداً من أن تعرّج على تلك الجوانب المضيئة من سيرتك، وعندئذ قد تركبك شهوة الحديث عن النفس، فتنحو من حيث لا تدري إلى (النرجسية)، وتنزلق فتقع في قبضة (الأنانية)، وتعطي في النهاية انطباعاً للآخرين بأنك امرؤ تهيم بشخصك عشقاً، وتنادي على نفسك كأنك معروض في المزاد.

وهذا ما لا أرضاه لا لنفسي ولا لغيري.

·    ومن جهة أخرى لا تخلو حياة المرء من مساحات للهفوات والسقطات والكبوات، ومن مواقع للنكسات والهزائم، وكي تكون صادقاً مع نفسك، وواضحاً مع غيرك، لا ترى بداً من ذكر بعض الهفوات والسقطات من باب النبل، واستعراض بعض تلك الكبوات والنكسات والهزائم بقصد العبرة والعظة، فينقضّ بعض (عشّاق الفضائح) على ما جُدتَ به وأفصحت عنه، فيشهّر بك، ويضرب بك الأمثال في العار والشنار، ويصحّ فيك عندئذ قول الشاعر قديماً:

            ومن دعا الناسَ إلى ذمّـه      ذَمُّوه بالحـق وبالباطـلِ

وهذا ما لا يرضاه عاقل لنفسه مهما كان متواضعاً.

ولا أدري، فقد أقع- من حيث لا أريد ولا أدري- في هذا المحظور وذاك، على أن ما يجعلني مطمئن النفس قرير العين أني لا أملك النيّة المبيّتة لا في التضخيم والتهويل، ولا في التقزيم والتضئيل. بل إن ما يجعلني راضياً عما أسرده هو أني أواكبك – عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة- في اكتشاف ما في حياتي وحياة جيلي من نجاحات وسقطات.. بلى، كنت فيما مضى منهمكاً فيها، متوحّداً بها، موجوداً لها، ودعوني أقل بعبارة أكثر إيجازاً: لقد كنتُها. أما الآن فأنا شاهد عليها، ومتأمّل فيها، ومقوِّم لها.

وشتّان بين أن تكون ضائعاً في ذاتك، وأن تكون مقوّماً لذاتك!

وارتأيت أن تكون حلقتنا هذه عن النجاح، عبر التساؤلات الآتية:

-       ما هو النجاح؟

-       ما ذا كانت طموحاتي؟

-       هل نجحتُ أم فشلت؟!

-       كيف ننجح؟ ومتى نخفق؟!

3 – ما هو النجاح؟!

بداية من المفيد التذكير بأن (النجاح) مفهوم نسبي مثل معظم المفاهيم، فلكل امرئ في هذا العالم نجاحات خاصة، وضمن مجالات محدّدة، وبمستويات مختلفة، على أن ثمة معياراً عاماً يمكننا الاحتكام إليه لمعرفة مدى نجاحنا أو إخفاقنا؛ ذلك المعيار هو (الهدف).

بلى، كي تعدّ ناجحاً أو فاشلاً ينبغي أن تكون لك أهداف معيّنة، سواء أكانت معنوية أم مادية، فردية ذاتية أم مجتمعية، وطنية قومية أم أممية عولمية، وبمقدار وصولك إلى تحقيق تلك الأهداف تكون ناجحاً، وبمدى بعدك عن الوصول إليها تعدّ مخفقاً. وكلما كانت الأهداف التي حققتَها سامية وجليلة، كانت نجاحاتك عظيمة ورائعة، وكانت إخفاقاتك من ثم مأساوية ومريعة. والعكس أيضاً صحيح.

ولا ننس أنه لا نجاح من غير وسائل وطرائق، ولعلكم تتذكّرون مقولة (الغاية تبرّر الوسيلة)، إنها مقولة شهيرة في الفكر السياسي، وقد بنى عليها الكاتب الإيطالي (ميكيافيللي) كتابه (الأمير). وأحسب من جانبي أن الغايات السامية والأهداف النبيلة يحتاج تحقيقها إلى وسائل شريفة ونبيلة. أجل، ينبغي أن تكون الوسيلة من جنس الغاية والهدف، وإلا فإن النجاح الذي يتمّ بوسائل منحطة ودنيئة ولئيمة هو نجاح تافه ومخادع وزائف، لا بل هو في الحقيقة فشل ما بعده فشل، وخيبة ما بعدها خيبة، إنه مجرد زبد، [ فأمّا الزََبَدُ فيذهبُ جُفاءً. وأمّا ما ينفع الناسَ فيمكُثُ في الأرض] [سورة الرعد / الآية 17].

وقد كنت في عهد الشباب طموحاً جداً، كنت بعيد الغايات، كثير الأهداف، متشعّب التطلّعات، شأني في ذلك شأن الشباب في كل عصر، وكانت تلك الطموحات في مجملها من صنفين:

·       صنف ذاتي ذو طابع معنوي مثالي.

·       وصنف مجتمعي، جمع بين المثالية والمادية.

4 – طموحات ذاتية.

    كانت طموحاتي، بشكل عام، ثقافية فكرية أدبية كنت أطمح إلى أن أكون شاعراً كبيراً كالمتنبي والمعري، وباحثاً قديراً كعباس محمود العقّاد، وروائياً ذا أفق إنساني مثل تولستوي الروسي، وفيلسوفاً جادّاً مثل سقراط اليوناني، ومفكّراً ثائراً ومتمرداً مثل نتشه الألماني، وأديباً كأبي حيّان التوحيدي، ومنظّراً موسوعياً كأبي حامد الغزالي.

حقاً كلما كنت أقرأ ديواناً لشاعر أصيل، أو رواية لروائي قدير، أو كتاباً لمفكر رحيب النظرة، أو نظرية لفيلسوف نبيل الغاية، كنت أجدني أتحمّس للسير في الاتجاه نفسه، وأقول لنفسي: هذا ما ينبغي أن أحققه. وكنت أنهج ذلك النهج، فأسير فيه أشواطاً، ثم أعدل إلى غيره.

وأقلّب النظر أحياناً في كتاباتي الشبابية فأجدها متوزّعة على محورين:

·  محور أدبي: فقد كنت أكتب قصائد الشعر في مواقف وجدانية مثيرة.. كنت أنفّث بها عن كروبي، وأضمّنها غضبي وثورتي على ممارسات ظالمة وظلامية، وأودعها رؤيتي إلى الحياة والمجتمع، إنها كانت قصائد من الشعر العمودي تارة، وأخرى من الشعر الحديث الموزون تارة أخرى.

·  ومحور فكري فلسفي: فقد كنت أكتب كتابات رومانسية الطابع، فلسفية النزعة، ثورية الروح، تمردية الاتجاه، وكنت أجري أفكاري ومشاعري تارة على ألسنة شخصيات رمزية، وتارة على شكل شبيه جداًً بكتاب (هكذا تكلم زرادشت) لنيتشه. كان هذا دون أن أبلغ الثلاثين من العمر، وبعد الثلاثين ونتيجة انكبابي على كتب التاريخ شرعت في كتابات حول الحضارة الإسلامية، لكن ليس من منظور الرصد التاريخي للأحداث، وإنما من منظور فلسفة الحدث التاريخي.

 وقد تغيّرت الحال بعد التحاقي بالدراسات العليا، وتخصّصي في الأدب العربي والنقد الأدبي، فقد انصب الاهتمام، إلى حد كبير، على الدراسات الأدبية والنقدية، وأخذت أهدافي الفكرية طابعاً أكاديمياً منهجياً.

ويمكنني القول بأن الضوابط الأكاديمية قمعت انطلاقاتي الثورية الشبابية، وأصبحت ملزَماً بالتحرك فكرياً وثقافياً ضمن أطر محدّدة سلفاً، كما أصبحت مطالََباً بأن ألوك سلسلة من النظريات القديمة والحديثة، وآخذ بها دونما تفكير نقدي في صحتها وجدواها. وأقول بصراحة وواقعية: لقد نجحت أكاديمياً إلى حد معقول، لكني في الوقت نفسه خسرت انطلاقاتي الشبابية، وخرجت من عالم (التثوير والتجديد) إلى عالم (التنميط والتجميد). وشتان ما بين العالمين! 

5 – غايات مجتمعية.

      وإلى جانب الغايات المثالية المعنوية برزت في حياتي غايات امتزج فيها ما هو معنوي بما هو مادي، والعجيب أني ما كنت أطمح في شبابي الأول إلى غايات مادية، من النوع الذي يتطلّع إليه الشباب عادة؛ كالزواج، وامتلاك بيت فاره، وسيارة فخمة، وأملاك وعقارات، ومنصب يدرّ مالاً وفيراً، وغير ذلك.

     كنت بشكل عام ذا نزعة وجودية زهدية على الصعيد الذاتي، ولم أجد نفسي ملتفتاً بشكل جادّ إلى الشؤون المعاشية إلا بعد وفاة الوالد – رحمه الله- في بداية سنة (1973م)؛ فالآباء في الريف يتحمّلون عبء تأمين مصادر الرزق، وإدارة الشؤون المعاشية، بشكل شبه كامل، فلا يشعر الأولاد بجسامة تلك المسؤولية وخطورتها إلا بعد رحيلهم.

   أجل، أدركت بعد رحيل الوالد إلى العالم الآخر أني صرت المسؤول الأول عن أسرة كبيرة تضم عشرة أفراد، مع شحّة في مصادر العيش، وازدياد في متطلبات الحياة، ثم زاد العبء عليّ بعد أن ألزمتني الوالدة – رحمها الله- بالزواج سنة (1974م)، إذ كنت عازفاً عنه أيضاً من منظور وجودي زهدي، وازداد العبء أكثر فأكثر بعد أن رُزقت بسبعة بنين، هم على الترتيب: محمود، وصلاح الدين، وعلاء الدين، ومحمد، وشِيار، ومصطفى، وجُوان. وأراني أخاطب نفسي بين حين وآخر: انتبهوا معشر الآباء! لا يكفي أن تنجبوا أولاداً، وإنما ينبغي أن تعدّوهم للحياة، وتعدّوا لهم الحياة.. تلك هي مسؤوليتكم ما دمتم اخترتم سبيل الزواج.

     ويمكنني القول بأنني حققت نجاحات متواضعة في هذا الميدان، لكنها معقولة ومقبولة بشكل عام، ولا أدري كيف يحكم عليّ أبنائي في قرارة أنفسهم، لكنهم يدركون يقيناً أني كنت مخلصاً وجادّاً في تحمّل مسؤولياتي الأبوية، وأني اجتهدت فأصبت تارة، وأخطأت تارات كثيرة.  

6 – كيف نحقّق النجاح؟!

قلت فيما سبق: لا يُعدّ المرء ناجحاً ما لم تكن له أهداف وغايات أولاً، وما لم يصل إلى تلك الأهداف والغايات ثانياً. لكن من الوهم أن نتصوّر أن الطرق إلى أهدافنا معبّدة ومفروشة بالأزاهير، إن للنجاح عوامل ذاتية (داخلية/جوّانية)، وأخرى موضوعية (خارجية/ برّانية). وكي ننجح في تحقيق طموحاتنا وغاياتنا نحتاج- فيما علمت من تجربتي- إلى جملة من الأمور، وسأصوغها على شكل إرشادات:

1- انتقل من الطموحات المتشعّبة إلى طموحات محدّدة؛ فالطموحات المحدّدة تساعدك على التركيز.

2- اختر الطموحات المناسبة لقدراتك الذاتية، وتتوقّع أنها ستسعدك، ولا تُلزم نفسك بما لا يَلزم.

3- عندما تختار طموحاتك خذ الظروف الموضوعية (الخارجية) في الاعتبار، وإلا فأنت تحكم على نفسك بالفشل.

4- كي تكون سعيداً بنجاحاتك اختر غايات إنسانية نبيلة.

5-  كي تكون فخوراً بطموحاتك توجّه إليها بوسائل شريفة.

6- لا تخجل من الطموحات المتواضعة في البداية، لكن لا تتردّد في تطويرها وتوسيعها وتعميقها كلما أتيحت لك الفرصة.

7-  لا ترتعد أمام الطموح الكبير، جزّئه إلى مراحل متدرّجة.

8- بقدر ما تكون مؤمناً بأهدافك تكون مخلصاً وجاداً في العمل لتحقيقها، وتكون على استعداد للتضحية من أجلها.

9- إدارة الذات على نحو واعٍ هي الطريق إلى تحقيق الطموحات.

10-  لا نجاح في الحياة، ولا تحقيق للطموحات، مع التفريط في الأوقات.

11-  كن عنيداً، ولا تستسلم للهزائم، فالهزائم الكبرى تصنع انتصارات كبرى، إذا أحسنا قراءتها وتقويمها.

12- لا تكتئب حتى وإن أخفقت في كل طموحاتك، إذ يكفي أنك حاولت، وهذا في حد ذاته انتصار لك، وقد قال الشاعر قديماً:

            على المرء أن يسعى لِما فيه نفعُه

                           وليس عليـه أن يساعده الدهرُ

وبعدُ..

جاءت هذه الموجّهات عفو الخاطر.

ولعل فيها فائدة.

(وإلى اللقاء في الحلقة السابعة والعشرين ).

16 - 6- 2005   الدكتور أحمد الخليل dralkhalil@hotmail.com


هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

إسمك :
المدينة :
عنوان التعليق :
التعليق :


 
 |    مشاهدة  ( 1 )   | 
http://www.tirejafrin.com/index.php?page=category&category_id=204&lang=ar&lang=ar