المطرب و الفنان الكردي محمد حسين في حوار هادئ

 ابراهيم ابراهيم

ابراهيم ابراهيم

من النادر أن ترى فناناً أو مغنياً بهذا القدر من التواضع و الصراحة التي يمتلكها هذا الفنان و المطرب الذي ملك سماء الأغنية الكردية في عفرين خاصة و سوريا عامة  لفترة من الزمن و هو شاب صغير و طبعاً في الوسطين الكردي من خلال (Rabe eyŞa min rabe   ) و في الوسط العربي من خلال ( مريم مريمتي ) الذائعة الصيت انطلق بمفرده صغيراً ليدعوه الكبار  و عمالقة الغناء الكردي معهم للغناء و العزف إلى جانبهم من سعيدكو العازف الشعبي الكبير وعلي تجو المطرب الرائع و العملاق جميل هورو ، لكن سجن الفكر السياسي الكردي و كما حكمت على الكثيرين من أمثاله بالنفي حكمت عليه أيضا لذلك لم يتعرف الكثير من الجمهور الكردي بينهم هو معروف في القاهرة و تونس و عمان كمطرب محبوب ن و الأجمل من هذا يسمى بالمطرب الكردي الذي يغني بالعربي ، كان لقاء عبر الهاتف من امريكا معه ليبث لنا بعضاً مما يعانيه ، فهو كردي ابن كردي ... لكن كما حاولوا ان يجرد المطرب الكبير و الراحل عدنان دلبرين من كرديته حاولوا أيضا تجريد محمد من كرديته لكنهم أبوا ذلك.

 

 

- أنا الصحفي ابراهيم ابراهيم من الدنمارك ، من أنت..؟

= محمد حسين من مواليد قنطرة التابعة لمعبطلي مدينة عفرين ، عاشق خالص للغناء و الموسيقى منذ أكثر من ثلاثين عاماً ، وقصتي  مع  العزف و الغناء بدأت  بالطنبور هذه الآلة التي أعتبرها لسان آلهة الحب و الغناء لدى معظم شعوب البحر المتوسط و خاصة الكردي منه ، حيث اشترى والدي عام  1975 طنبوراً و أتذكر أنني كنت في الثاني الإعدادي ، ورغم اختلاف الظروف و قلة العازفين و الموسيقيين مقارنة باليوم تعلمت العزف و أحببت الموسيقى و أحبتني ،و للموسيقى طقس خاص للعشق يعرفها من تعشقه الموسيقى و يعشقها ، و في عام 1977 بدأت بالظهور على المسارح و خاصة في الأعراس الكردية حيث كنا نعمل على بطارية السيارة و خاص في منطقة عفرين لعدم وجود التيار الكهربائي آنذاك  مع عازف إيقاع و أتصور أنه كان من القامشلي هذا أنا ، طبعاً متزوج من أمريكية و مجنس أمريكي منذ سنين و أفتخر بكرديتي السورية و بعفرينيتي ..!!

-    هناك من يتهمك بالاغتراب عن الفن و الموسيقى الكرديين ، و أنك دخلت الوسط الفني العربي فقط للشهرة و المال ..؟؟

= لأنهم لا يعرفون الحقيقة ، و من يعرفني و يعرف العقدين السابع و الثامن من القرن الماضي يعرف أنني بدأت كردياً و سأنتهي كردياً إنشاء الله ، رغم بعض القضاة الكرد السوريين الجائرين بحكمهم على الذين لا يمشون في فلكهم .

لقد عزفت و غنيت مع الكبار من الكرد و على مسارح حلب و دمشق و طبعاً بالكردية  وقت لم يكن لهؤلاء القضاة الكرد الجرأة للنطق الكردية غنيت مع  أسطورة الغناء الملحمي الكردي جميل هورو و عزفت له في الحفلات و أحب أن أنوه أن أول حفلة لي كانت مع الفنان الكبير رحمه الله جميل هورو في دار الأفراح في حلب

و عزت و غنيت مع المطرب الكبير علي تجو و سعيدكو ...

- إذاً لماذا غبت عن الساحة الكردية ...؟؟

= أنا لم أغب يوماً عن الساحة الكردية ، و ما تراه من المطربين الجدد الذين يتباهون اليوم في الحفلات  على المسارح و خاصة في عفرين بأغان و موسيقى فلكلورية كردية هي لي ....!!  بمعنى أنني بحثت عنها و عدت صياغتها موسيقيا و شعرياً و وزعتها سواء بالأسطوانات أو بالحفلات من أغنية (( رابه عيشا من رابه )) مروراً بـ  (( آنه من بدا )) و انتهاءً بـ (( جيفتا تلي )) و (( لباكه .. لباكه  دسماله خا )) و (( رشكو )) هذه الأغنية التي كشفتها و أضفت إليها "  قفلة الجملة الموسقية " طبعاً هي أغاني فلكلورية قديمة لكنها كانت نائمة و أنا من أيقظتها و أدخلت عليها من الجديد الموسيقي بحيث يتلاءم مع الإطار العام للأغنية و أن لا تفقد الأغنية جماليتها الفلكلورية و هي موجودة تقريباً يومياً على مسارح حلب و عفرين و تغنى كما حدّثتها و للأسف الكثير من المطربين يعرفون هذه الحقيقة لكمنهم لا ينطقونها  و من يشهد عكس ذلك فليتفضل ببرهانه..!!  و أحب أن أشير إلى أن هذه الأغاني لم تكن تغنى في الحفلات قبل عشر سنوات إلا بعد أن غنيتها أنا ،فضلاً على أنني ألفت الكثير من الأغاني الكردية و لحنتها و أصدرت العديد من الأسطوانات و السيديات الكردية و تم توزيعها شكل جيد في سوريا و أمريكا و أوربا ، و دعيت إلى عدة فضائيات  كردية منها روج  ، إذاً كيف غبت عن الكردية لا أدري. 

توجهي إلى الغناء العربي كان لأسباب أهمها هو وجودي في الوسط العربي حيث كنت أعيش ثم أن آلة البزق كانت آلة جديدة بين العرب و كان هناك الكثير من المستمعين العرب لهذه الآلة و من خلالها دعتني الكثير من الفرق الغربية لأعزف معها و من ثم كانت البداية العربية لي حيث غنيت أغنية (( مريم مريمتي )) التي اشتهرت كثراً في الوسط العربي و هي بالمناسبة أغنية فلكلورية لكنني طورتها و أيضاً أغنية (( سكب تلك دمعي بالكأس )) و اشتهرت من خلال هاتين الأغنيتين في الوسط العربي ، طبعاً دعنا  أن لا ننسى سجن الفكر السياسي الكردي التي اشتهرت بكثرة المظاليم فيها.

-         ما قصة الغربان الكثيرة في سماء الأغنية الكردية ...؟؟

=  لأن البلابل للأسف تفضل أعشاشها المحترمة على زعيق الغربان و عدم احترامها للذوق أولاً و للموسيقى و الفن الكردي ثانياً و أنا أتصور انه سيأتي اليوم الذي ستهلك فيها الغربان و ستخرج البلابل من أعشاشها بكل احترام لأن الفاني زائل.

-         إذاً ماذا تقول للغربان...؟

= أقول الإبداع موهبة تولد مع الإنسان و هي هبة من الله و لا يمكن للمرء أن يزرع الإبداع  و خاصة الغناء و الموسيقى ، لذلك أنصحهم بأن لا يتسلقوا لأنهم سيسقطون باكراً.

-         محمد لماذا لا تغني الأغاني الكردية الملحمية الطويلة رغم ما تملكه من طبقاة صوتية تمكنك من أدائها..؟؟

= دعني أكون صريحاً معك و أقول أن هذه الأغاني صعبة جداً و للحقيقة أقول أنني لم أجد بعد نفسي على قدر من المسؤولية الفنية لأدائها بشكلها الصحيح سيما و هي قمة في الموسيقى و الكلمات و حتى الصوت الذي سيؤديه يجب أن قوياً و جميلاً بحيث أن لا تفقد الأغنية قيمها الجلية الرائعة .

    

تيريج عفرين 3 / 3 / 2008

 

علي تجو" بافه علي "

 شعر و عشق يكفي كل نساء العالم

ابراهيم ابراهيم

الدنمارك

 

 " القلب يحب مرة واحدة " عبارة تردد منذ القديم الغابر و فلسفة تبنتها الكثير من الشرائح الاجتماعية في المجتمعات البشرية خاصة تلك التي عشقت و أحبت و كتب عنها قصص في الحب و نظمت قصائد من الشعر بها... و لكن هل بحث أحد منّا في مدلولاتها النفسية و الحسية و الفيزيولوجية و حتى الاجتماعية على اعتبار الأخيرة عقد رضائي للتعايش بين البشر صاحبة المشاعر و الأحاسيس التي تدير الحب و تهيئ المساحة التي يمكن للإنسان أن يلعب و يلهو بمشاعره..!! وبالتالي ما هي  حدود مصداقية تلك العبارة العلمية و الروحية...؟؟

و لعل المتابعين للفولكلور و حكايات الشعوب التي تروى في سياق قصص الحب و العشق التي تغنى و تروى و تكتب يجد الكثير ممن أحبوا الكثير من النساء لا بل و أسسوا أسر و عوائل رغم ما قيل و يقال عن حبهم الأول .

لذلك اعتبر أنا أن هذا سلوك بشري طبيعي جداً حيث أن الحب المتكرر دليل على ديمومة الحياة عبر التجدد المستمر للحالة الروحية و الشعورية لدى البشرية ، كما أن الحب الثاني أو الثالث أو الرابع هو ليس بالضرورة إلغاءً للحب الأول بل يمكن أن يكون استمراراً أو ولادة جديدة لحب فقد أو مات و دلالة لحركية نبضات قلب الإنسان التي تزداد أو تنقص على ضوء الحالة الروحية أو بمعنى آخر الحسية ( المشاعر ) سيما لو أسلمنا بالفعل أن الإنسان كتلة من المشاعر المتحركة و هذا مؤكد علمياً .       

و لقد أثبت المطرب و الفنان و الشاعر الغنائي و الشعبي علي تجو و غيره من الكبار الصامتين أو بمعنى / آخر المنزويين في زوايا تاريخ هم أسسوها / أن المرء يمكن أن يموت و يعيش في الحب كحالة فطرية حيث لا يمكن للمشاعر أن تنتهي بخروج طرف من أطراف معادلة الحب و المشاعر التي يمكن تسميته بالعقد الأخلاقي الغيبي أي الحسي ، فالمتتبع لمشوار هذا الفنان الجميل و العظيم و منذ أكثر من 50 عاماً و ما قيل  يقال عنه و ما يغنيه من أغاني وهي في أغلبها مواويل كردية متوسطة في الزمن و بعضاً من الأغاني الملحمية الطويلة المعروفة فقط  لدى الشعب الكردي و التي تغنى في عفرين أكثر من أية منطقة كردية  يدرك ـ المتتبع ـ أن هذا الرجل غير العادي بقدرته الفنية و الصوتية و الموسيقية أنه صاحب قلب كبير و كبيرٌ جداً  قادر أن يستوعب ليس فقط كل نساء العالم بل العالم أجمع و يجاور جراحه و يبلل الأرض بغزارة مشاعره.... وهل أعظم و أوسع بحر من الشعر الغنائي الشعبي الكردي الذي سجله هذا الشاعر و هو يصف فتاة جميلة لمحها في زقاق من أزقة قلبه الكثيرة و الكثيرة جداً و يقول :

   Min dî firqeta  bayê xebî tê ji wê da

Bîna nêrgiza avî tê di nav bê da

Min cave xwe vekirn bala xwe da yê

Sibhanela.. Xekê delal cade yê tijê kiri law tê yê ji wê da

Hevalê ne I ya min bu, vêra kab u kulyên min cirifiyan

Zar u zimanê min lal bun , dev u lêvên min miçiqiyan Bavo..Bavo

Hevalê hema sekinîm di cîyê xwe da

و دون مبالاة من تلك الياسمينة التي كادت أن تشنقه بتغير اتجاه طرف عينيها عن العاشق علي تجو يتابع ما آلت إليه مرساة سفن العشق لديه من تكسير في قلب القلب:

 Dema xelkê kîbar gîŞt kêleka min

Hîn bi ser derdo kulanda rû ji min ba da

 فما أرق من أحاسيس و ما أكبر من عشق كمن يعيش هذه الحالة من الغليان العاطفي و يصف ما يلفه من جراحات و الآم في القلب جراء ابتعاد من يعشق يقول

ثم ينحو علي تجو نحو التصوف و يحاكي الله بما آل إليه قلبه من جراحات لم تشفى إلا بلمسة من سوسنة أو ياسمينة مازالت رائحتها تلف محيط مشاعره :

Min destê xwe li ber xwudê vegirtin

Qe tu nzanê te çi agrê Cehnêmê çandî de dilê min da

Ma çima va xerîba welat di kêleka min re der basbû

Ordeka gola , Xezala çola, Qumrit birca

Ma silav xwudê çibû ew jî ne da

De were bavê Eli bi Şewêtê di arê xwe da

 مع هذا كله تمكن علي تجو أن يضع تلك الياسمينة في زاوية قلبه ليظلل على مشاعر كل العاشقين و يخفف من وطأة الولع بما يقول في أغنيته // شاوية // من شعر غنائي كردي أخذت المفردة المحكية أجمل ما يمكن للمرء التلذذ بها مضيفاً على أن اللغة الكردية لغة حية و متحولة بكل ما تملك من جماليات اللفظ  و الحركة سواء كانت لهجوية أو فصحى و هي بإمكانها أن توظف دون أن تفقد بريقها كلغة تملك من مفردات الوصف الجميل حيث تفوق قدرتها بوصفها لغة الكتابة أو النطق:

Dema ji min derbas bû ez pêfikîm

Di bejin bunav u xeftan u zibûna

Xwudê bi qerez çêkirî

Ji ber sêrê ta qundrê linga

  Êzêr tine tê da

Ne firqeta bayê xerbî lêdixîne Hemêz purî hêndî hêl di be bi ser çava da... Hevalê bi ser çava da... Dostê bi ser çava da

Dema derbas bû ye zar dilê xwe bi min Şewêtî paŞ xwe nirî

Min dî lêvê zirav dilêvin i nav por da

Law xwudê bila bafkê delalê so u qirar bi min de

Bila mal u mewalê dune bi xwesta mine pê da

Belkî bi mal u mewalê dunê razî ne ba

Bavê Xelîl law birayê Hemîd

 Î la bila roniya her du çavên min bixastana Ji bu xatrê hezkirina rastî

minê ew jî pê da

Bila ez vê çav di duniyê da bigeryama

bi destê min bigirta

 Derxis ti bama derva bibrama hundira.

Qey minê zanî ba min kul nehêŞtin di va dilî da

Xezala çola bi destê xelkê da min ber ne da.

لم يكتفي محمد علي تجو بتوظيف كل التبعات الجمالية للغة الكردية في مكانها المناسب بل يذهب إلى أكثر من ذلك ليجعل من الحكمة و المثل الكردي شعراً :

Bese .. Bese te ez birîn dar kirim (( gilokê xwe ji min biŞo)) berê arî di dilê min da

(( Bila kêr der basî hêsê ne be)) bila cîyê merhbê bi mîne

Di nav me da

ثم يأتي علي تجو المتنبئ بحدسه الفطري بأن شعبه الكردي رغم عشقه له سيجهله و أن التاريخ لن يذكره كغيره من الكبار فهو في أغنية له يذكر:

 

 di ketim nivîn u cîyan

Min xwe di qulêband ver de wê da

Lê hevalê bila tu zani be

Min qewl u qerar di dilê xwe da dab u

Ku ez ji bilibi u Şa,êr liqî ya kurda berda

Law bavo .... Law bavo

Min kê çakra dara tenburê biŞkan da

Xwe ber da mizgeft u camiya .

إلا أنه في الوقت نفسه و في ذات الأغنية يدرك بأنه و على لسان صديق له يطلب منه بأن لا يعتزل الغناء و الفن و يقول لعلي تجو أن التاريخ لا بد أن يزج اسمك و بكل فخر كمغن شعبي بارز في التاريخ الكردي و خاصة الكردي السوري :

Hvalên hêja wek bavê Mihemed u bavê Tarîx

 Razî ne bun yaqa min bernedan

Bi min re gotin çima tu kê xwe teslîm kê di nîvî omêr da.

Me dîsa darê tenburê dest xwe kir

Me got emê ji xwe re derkevin

Heya dewra dunyayê der dikev ku da

لم يكن علي تجو أو أبو علي مجرد مغن أو عازف بل عاشقاً لكل ما هو جميل ، الوطن و الخمر و الياسمينة تجتمع في لوحة عشق واحدة اسمها // زين و زينبه ، شاوية ، أزي درّم به خاتره وا // فضلاً على // شيخ سعيد بيران و عيشا ايبه و عشرات الأغاني الكردية .

هكذا هو الحال يا ابا علي يمكن للبشر أن يجهل الكثير من أبنائه لا بل يدفنه و هو حي... لكن التاريخ ينصفه أبداً 

 

تيريج عفرين 26 / 1 / 2008

حديقة صبية

تبلل فستانها بقصيدة قمح ..!!

 ابراهيم ابراهيم / دنمارك

  1

 عاعاشق

يلون بالطباشير

وجه حبيبته

و يهديها :

(( ألذ و أحلى الزبيب تلك التي تشبه عيناك ))

 

2

 

حديقة صبية

تبلل فستانها بقصيدة قمح

داعبتها سراً

و أنت كأغنية مرآة

تلمين بالبنفسج ضفائرك.

 

3

 

أواه ...

لم أعرف سر النبيذ

الموغل في دمي

نسوة ...

يكتبن همسات العاصفة على ضفائرهن

عشاق ....

 يلهثون برفض العبور

و أنت يا عفرين ...

مازلت تمنحين للنبيذ شفتي...!!

 

4

 

كردي ....

كلما أقدم على الرحيل

خبأ في جراره

حفنة من النبيذ و التاريخ

و عندما

تدعوه قروية

سمراء

يرمي أرشيف تنهداته

على سجادة صدرها..!!

كي يبقى سفيراً لجرح الشمس

حين تتقطع

أوصالها...!

 

5

 

 

و أنت ...؟؟

ماذا

 تريدين من قاع الصمت

أيتها

الجماجم ،

فمن

 أساطير الحزن

تصنع

ذاكرة المطر

أجنحة للموت ...!!

 

6

 

ها ...

أنني

أعود من الضفة الخلفية

لمنفاي الاختياري ...

أحمل في كفي شرفتي

كي

      أطل

            منها

على الشاحنات المسرعة

إلى زحمة الاعتراف

بالبكاء

من

أجل

الملوك

و الجواري

و

المشانق العابرة.

 

7

 

لم يبق من اللفافة

سوى الشتاء

و النوافذ التي هجرت لياليها

أصبحت

تبحث

عن

غرفة

تخلو من المطر.

 

5 / 10 / 2007

===============

 

 

"جوان" ينفذ وصية والده ويصبح كرسياً

ابراهيم ابراهيم

  

الساعة تقارب من الزمن الممنوع ، و الجسد يتخبط في ارتباكاته ... الغرفة على امتدادها تعلن و لأول مرة منذ ما يقارب المائة لحظة  مهرجان الترتيب والتنظيف و المسح ، كل شيء في غرفة حتى المكنسة القديمة و الفستان المتهرئ الذي أعارتني إياه مالكة الغرفة كممسحة و أعقاب السجائر الكل ...الكل دون استثناء استبدت الشهوة بهم . . و لكن .... الكل في حالة تأهب قصوى الأصابع والأيادي و النظرات و أحياناً أخرى الأحلام ، الوسادة تنتظر من يتوسدها و بشروط مثقلة كأن يضع الواحد جعبة الدقائق و الساعات التي لونها بلحظات التعب و الحزن مثلاً قرب كفيه و ينام في حضرته مع السرعة المحددة قانونياً وفق ارتباكات الجسد المعلنة سابقاً ، أما الفرشة التي تغطيها رائحة العقابية الحامضة المقطوفة للتو من جبين جوان و زلات عينيه المتطايرتان بصدر الغرفة حيناً و المختفيتان في دهاليز جسده المكون حديثاً من بضعة بقع لحمية لم تعرف بعد ماذا يمكن أن يفعل بهما حيناً.

جوان إلى الآن يحلم بلحظة المشمش أو الكرز أو حتى التين ليصل به حتى ولو قطرة من مطر الصيف ... طبعاً على أن يكون ممزوجاً بقليل من الأحمر الداكن ، فجوان لا يختلف مع الفاكهة أبداً ...  خلافه هو كيف يمكن أن يلبس الحلاوة و يمتشقها دون يلمسها .

لعما ... مشكلة كيف و أين سأختبئ منها..؟

يا ليتني لم أحلم بالمشمش و بقيت على العقابية الحامضة أو حتى المُرّة

أين سأكلها ...؟

هي أول لحظة في حياة جوان ممارسة الممنوع من الجسد رغم أنه مارس عشرات لا بل مئات المرات سراً في الفرشة أو في مكان آخر أقل جمالية بالنسبة لجوان و من لحظة الممارسة ، فهو لم يتعلم في قريته سوى على المباح من الجسد و هو الوجه و اليدين و قليل من الآخر و في لحظات محددة و محرجة حتى بالنسبة له أما البقية الباقية فممنوع ، ممنوع، ممنوع.

الغرفة تكاد تلف جوان برقصة اليدين و القدمين ، و الفناجين و تلك القنينة التي جلبها جوان لتزيح عنه الحالة المثقلة بالعيب و الارتباك و الممنوع  تكاد تخترق اللحظة فهي لم تعد تتحمل جوان و ما يحيط به من حروب الصمت و الجسد.

طرقات الباب الخفيفة أعلنت مهرجان الجنون و الحيرة لدى جوان، دوران على النفس ، و سيلان اللعاب ، و اليدان تحررتا من الجسد ، وجوان طار في الموسيقى التي كان يسمعها ، و أهم ما في الأمر أن الفرشة و دون أن تلمسها أية أيادي كانت قد غطت الزاوية التي يخجل منها جوان دائماً ، و الوسادة قد لحقتها لتأخذ مكانها المحدد و قنينته التي اشتراها منذ اقل من مئة لحظة بقليل ركنت إلى زاوية من زوايا طاولته الزجاجية التي استعارها من جارته العجوز.

جوان تقصد بأن يستعير الطاولة الزجاجية ، فالزجاج و على اقل تقدير لا يخبئ أشياء كثيرة و اختراق العيون و مرور نظراته عبر الزجاج سهل .. و سهل جداً ، و المشكلة الكبيرة بالنسبة له هو أنه يخاف جداً من أن تمر الزجاجة عبر خوفه وارتباكاته و يصبح هو الطاولة و تجلس عليه المدعوة " كرز " ، ثم هناك مشكلة أخرى و هي أنها " الكرزة "و كما كان يفكر جوان بأنها سوف تتعبه من كثرة و طول الجلوس على الطاولة أي عليّ ... يا رب لماذا لم أبقى على العقابية ..؟ و ضروري أحلم بالكرز..!! لكن يا أخي الكرز طول عمري اشتهيه و من يوم ما ألبستني تلك الحمراء من الكرز جسدها نسيت العقابية.

الله... الله هل أصبح باباً ..؟ أم مفتاحاً ..؟ و أدعوا أشلاء الزمن هذا إلى مائدة والدي الذي لم يصلي .. و لم يصوم أبداً عن ممارسة الممنوع من صدر أمي ، فلماذا جعلني كاهناً في الممنوع و العيب ..؟؟ أم أصبح كرزاً و تأكلني الكرزة ...!!

جاءت لحظة الرصيف و غادرت مخيلة جوان مع طرقات الباب الكرزية و أصبح جوان خارج اللحظة و خارج الفرشة و الوسادة و نسي الطاولة و فكر ملياً .. الواقعية في الشهوة تقتضي بأن أكون كرسياً و تجلس عليّ تلك اللحظة القادمة ّ و المحترمة ، دخل مسرعاً على الغرفة و خبأ كل أشياء الغرفة خارجها لتبقى عارية من كل شيء إلا من واقعية الشهوة و الجسد التي ستنفيان حكماً واقعية الممنوع و العيب من التراث و الفلكلور"الجوّاني " ، وصفق بهدوء على يديه هكذا أحسن ، فأصبح أنا الكرسي و تجلس الكرزة عليّ و من ثم  سأنقذ نفسي من متاعب العيب و الممنوع و معاقبة الفلكلوريين و المحافظين على الإرث الثقافي و الأخلاقي لي و بالتالي  سأنفذ وصية والدي بأن احترام الضيف واجب مقدس فها أنني أصبحت كرسياً لضيفتي رغم أنني سأتعب جداً و لكن من الضروري أن  تجلس ضيفتي عليّ بكل راحة و سعادة واطمئنان ولذة وهذا هو واجب للحفاظ على الوصايا المليونية في الممنوع و العيب .

 

14 / 9 / 2007

 

 

عفرين أو (( عَرفين ))* كما نطقتها أمي

وامرأة ألبستني للتو فستانها...!!

ابراهيم ابراهيم

 

 

 

 

1

 

أنت لست إلا رائحة تسكنك الياسمينة

و أنا لست إلا مشنقة

لمن بللك بالخيانة

 

2

 

لنأخذ برهة من الصدفة ،

 فلم تلفنا بعد

رائحة عينياك التي تشبهان فنجان قهوة..!!

 

3

مازلنا نحاصر الوقت بالجنون

و تنورتك التي اختفت للتو

تطير في أعلى الليل

لتسقط في الشارع الآخر من شهوة المدفأة

 وتنامين أنت لحظة الصدفة

قرب ما تبقى من إحتراق الرغبة

فالقهوة مازالت تدفئني

و السرير كاد يلبسه الملل

ليبحث عن مكان أقل برودة في جوار تنورتك...!!

 

4

هاجرتك مئة مرة

لكن ...  في آخر مرة

تركت لك ما أملكه من مساحات للرقص

و قليل من النبيذ

كي تدفئ ساقيك الباردتين

أما أنت ....

مازلت تبحثين عني في أنحاء صدرك.

 

5

الساعة قاربت إلى ما بعد الليل بقليل

و الزبيب لن يرتبك بين شفاهك

اطمئني فقط هذه المرة لخيانتي.

 

6

من ذاك الذي لم يشربك بعد

سوى كأسي

المملوء بعفرين و بدمك الخفيف جداً

تلونني قطرات لهيبك بالنبيذ القادم من صدرك الخجول

و أصابعي ترتدي أسمك الجميل

من ذا الذي داهم سريرك

سوى تلك الوردة التي همست

بصباح الخير لترتديك نهارها.

 

 

 ابراهيم ابراهيم - الدنمارك   6 / 6 / 2007

 

 

===================

======

نخبك سيد الطنبور و الموسيقى نخبك

سنشرب عفرين سوياً..!!

 

 

قطرة من عيشة إيبه لجسد الطنبور الكردي آديك

 

ابراهيم ابراهيم

 

 

البارحة فقط  كان طنبورك يتجول في ذاكرتي..!

يسرق مني شهوة عفرين المستبدة

كي تنام أنت و تصحو الزيتون

من ذاك النبي المسمى بـ (( الهوري )) العظيم

الذي لازال مذبوحاً بدخان لفافتك

إلى  فستان السنابل الذي ارتدته أمي

كانت أوتارك الرفيعة تلف الرقص على خاصرة العشق من الصباح إلى الصباح

و سيمفونيات الزبيب في جعبتك تتوسد القلب العفريني و الوردة العفرينية و الخمر و التين و الزعتر العفريني و أصابعك التائهة في جسد عفرين تلاقي اليوم (( كوران ))* .

من أعلى السماء إلى أعلى القداسة

تنحني أقلام الرصاص دون أن تذهب في الخطوط

و ترسم ما فعلته عفرين من الجراح

التائهون منّا يرقصون اليوم على أنغام البخور

الممتدة على الساحل الكردي المستباح

و Eyşa ibe , Mem u zîn , Cebelî ,Ehmede zilîfî يباغتون الحكاية من  أولها ليرسموا حلم الطنبور و يشربون نخب عفرين وقامشلي و كوباني بالياسمينة و النبيذ الكردي .

نخبك سيد الطنبور و الموسيقى نخبك

سنشرب عفرين سوياً

أو أترك لي قطرة واحدة من Eyşa ibe لأرتشف ما تبقى من جميل هورو و بيتاز و عدنان دلبرين و علي تجو و محمدِ علكور، و الآخرين من الفرح الكردي.

من اللحظات و المسافات البعيدة تختلج القلوب باللحظة الحاسمة و أنت Adîk لم تنتهي ، و عفرين وحدها هي التي تحاصرك ..

أما الطنبور النائم في الموسيقى و الأصابع المهاجرة ، فستظل تلبس (( كوران آديك )) لتعلن خيانة التراب و تغيب...!!

::::::::::::::::::::::

* تربة عشقت آديك فقررت أن تلتهمه.

 

 ابراهيم ابراهيم - الدنمارك   3 / 6 / 2007

 

=================================

=================

 

ورْدٌ في اللفظ، وياسمينة في رائحة النطق

(هيمن كرداغي، واللغة الكردية)

  قصائد واسعة العشق والشفافية كقلب عفرين، يكتبها هيمن كرداغي على مساحات ضيقة من التنهدات الآتية من أزقة اللغة الكردية، العائدة للتو من حكايات النبيذ والتاريخ، لايستطيع قراءتها إلا الساكنين بالعشق والليل. هذه بعض من خرائط عشقه بلغة قبّانية وأحياناً أدونيسية دون أن يبتعد عن الساعة التي رسمتها أم بيكه س شركوه على معصمه بعضِّتها وهو طفل، ليرسم بأجمل ما يمكن للمرء ذكرياته الصغيرة. وهيمن هو الآخر يرسم لنا العشق بعضّاتٍ شعرية رقيقة وبما يشبه أسنان كانت للتو ترضع اللحظة الأولى من صدر قادم من دهاليز القلب الذي تركته عيشي شان وجميل هورو، عنواناً لكردية كانت منذ لحظة غائبة أعماق الوريد المرسوم بلغة الملا الجزيري وفقي تيران وأحمدى خاني، أولئك الشعراء الأغنياء بقواميس اللغة الحية من الكردية الجميلة:

(هنا...

خلف الحلم

هاجرتِ العصور عبر رائحة

التنهدات الهاربة..!!)

أية تنهدات قصدته هذه الكلمات التي ارتسمت على العصور؟، لتمرر من خلالها هروبها من هيمن ومن حلمه الذي لم يكن ليرتسم لولا أن الكلمة هي التي اختارت ما يكتبه الشاعر هذا عن ألوان وشفافية الكلمة الكردية الناطقة دائماً بما تملكه من ورد في اللفظ، وياسمينة في رائحة النطق:

(عشق بلّل

ياسمينة برائحته

ليسقي بها قصائدي الملونة).

ترى هل كانت عفرين هي سلالة الشعر أم الشعر هو سلالة عفرين؟، قد لا يكون هذا الكلام نخب كأس للكثيرين من أنصار الجمال والشفافية، لكن من يقرأ قصائد هيمن ويقرأ مارسمته الطبيعة من أجمل لوحة على تضاريس وجبال وسهول عفرين، تكاد تشبه في خطوطها وتفاصيلها الصغيرة قصائد هيمن المولودة للتو من رحم الشمس واسبتداد العشق لتفاصيل ارتكبته حبيبته الطائرة أبداً في سماء قلبه الواسع كامتداد "قرمتلق" على حدود الأسلاك المزركشة بزركشات اللغة من نقطة عين ديوار المخبأة في ثناياها إلى آخر وردة من حدائق الرمان في "باسوطة": 

(في ليل لم تنم بعد

القبلات فرّت

والخوف استبد بي عبر تنهداتك، والغابة مقفلة

أما لحدائق، فطارت فيها العصافير الصغيرة).

مع هذا الحب وتلك السماء تنضم مؤهلات لغوية كردية إلى قلب هيمن كرداغي، لتستبد به و يمزق عشقه الشعري إلى أزمنة شعرية طويلة قد يرهق العشاق من كثرة ما يرسل هيمن فضاءات لا يستطيع حتى هو أن يشرب نخب ما يكتبه، لأنه قد تصل القصيدة إلى حد الثمالة من مشاعره التي قد تكفي كل نساء العالم، وقلمه الأنيق الذي يرتكب بعض المجازفات عندما يحاول أن ينهي ما يحمله من الحبر الأزرق أو الأحمر كما في قصائده الطويلة والطويلة جداً:

 Ez bişewitim jî…

Dûmanê min wê ji te hez bike      

(دخان احتراقي سيحبك أيضاً) فرغم محاولات هيمن الخروج من استبداد الكلمة الشفافة واللوحات الجميلة المرسومة بأحرف أجمل لغة وأكثر لغات الأرض استبداداً للقلب وللمشاعر، لايستطيع فك القيد الأنا، والمقصود هنا بالأنا، ليس بمفهومها الاجتماعي بل بمفهومها الجمالي الذي تمثله قصيدته الطويلة تلك:

(عذراً

لحظة عشقك

 كانت ككل اللحظات.

 كانت مثل كل أمواج العشق التي لطمتني

كانت كتلك الروزنامة

المعلقة على جدار غرفتي

تعد أيامها الطويلة التي مضت).

ويتابع هيمن بقليل من نسيانه الثمل لتلك اللوحات الصغيرة الرائعة وبكل ما تحمل الكلمة من معنى على الأقل على المستوى الجمالي للقصيدة التوقيعية ـ القصيرة، التي يكتبها، والتي فعلاً تستبد ليس بالقارئ فقط، بل وبفضاءات القارئ أيضاً؛ أسئلته في تلك القصيدة الطويلة:

(لم اسأل نفسي

 فقط كنت أعرف أنني لن أتعب

رغم العاصفة القوية والصفراء

سأسلب منك ما تملكين من أوراق).

المفردات القوية والصلبة هذه يحاول هيمن بما يملكه من رقة وشفافية شعرية أن يخترقها، لكن لم يستطع رغم ما يملكه من مفردات شعرية هو نفسه ورغم ما تحمله اللغة الكردية من صغيرات الكلمات الجميلات، لكنه بين الحين والآخر وفي نفس القصيدة، تخترق مشاعرك مايمكن أن أسميه النوبات الشعرية الطويلة الأمد، حيث أن الشاعر يؤكد أن الشعر نوبة ولحظة ولا يمكن لأي أن يكون شاعراً إلا أن يختاره الشعر نفسه، لأن الشعر لا يثق بالكثيرين ممن يدعون أنهم المحمية الشعرية، وما يقال عن الشعر وصدقيته وجماليته يؤكده هيمن، لأنه يملك الثقة التي أعطاه إياه الشعر واللغة.

دانمارك -  ابراهيم ابراهيم 15 / 1 / 2007

 

=====================

 

(( عدنان جندو))

المبتل بابتسامات عفرين الشفافة

عدنان جندو وعفرين و الحكايات و المطر المبتل بابتساماته الشفافة أبدا يرسمون ملامح العبث الجميل لامرأة الزجاج العفرينية و الليل تلقي ذاك الجميل //عدنان جندو// في ملاعب الإباحة التي تقضم أظافر الحزن للتراب المّكسي بأقدامه التي مازالت تبحث عن المزيد من حبات الزيتون و رائحة الزعتر الكردي، أحبك عدنان و عيناك مازالتا تحدقان في المدن الكثيرة، أحبك عدنان و عفرين مازالت تخترق الوجع الذي يحاصرك بتأملات الطفل الذي قبَّلته ذلك اليوم القريب من ضفافك الطاهرة و أومأت له بعينيك التي لم تعد تملك سراً سوى نصف الرغبة و نصف الحب و القادم دائماً عفرين.

لا فرق عدنان والله القلب واحد و الذكرى مازالت صبية تحملها حقيبة عفرين التي غادرتها بصمت تلك الجنة الموعودة لذاك الشيخ الذي يشبهك فقط بالطهارة والجنون الرائع في عشق السماء (( شيخ رشيد )) و حقول بعدنلي المنتشرة فقط على جفونه المغادرة أبداً من عفرين إلى كلي تيرا الذي يحتضن أسطورتك التي تبحث ‘أشلاء عشق بين دفتي صوتك الذي لا يهدأ إلا بابتسامات الزيتون و النهر المحيط.

 نعم عزيزي العفريني...

من مِن الجميلات العفرينيات لم تحدق في عينيك...؟

 

 

من مِن قُرى الزيتون و السمُّاق لا تبتسم لأجمل عدنان جندو في العالم، فهؤلاء الذين تجاورهم بخارطة الحب و الليل مازالوا يعدٌّون سكارى الليل في عفرينك الجميل أيها القارئ لفناجين الحزن.

قادمون و راحلون، مساءات و صباحات يبحثن عنك في أزقة المقاهي، ألوان قاتمة أو فاتحة لا فرق تقرّب لحظات النهر الذي يلتف على ثناياك. من كل لغات العالم لا يتقن إلا لغة الابتسامة العفرينية، و لا يجاور إلا الجراح أو مهرجاناتها المعلنة دائماً للشتّاءات الداكنة ليعلن مدينته العاشقة من جديد، يعيش مع الكل وللكل يبكي مع الأخر و يبتسم له ومعه. تلفه السعادة برؤية صغير يلهو بالعبث الممدد في مشاعره، لا أحد يكرهه و لا يكره أحداً، تجده في العزاء غارقاً في الحزن أو التفكير اللامنتاهي و كأنه يحمل أوجاع العالم، وفي الأفراح تراه سعيداً إلى حد الثمالة رغم أن البعض الآخر يحاول العبث به و بأحاسيسه التي لا تعرف الحدود في الحب و الفرح، و كما قلبه واسع للفرح والغبطة واسع أيضاً للجراح و الألم ولكن دون أن يملك هو نفسه ألماً سوى الشكوى من الغير حين يعدم إحساس الآخر به إلا بما يسمونه (( المجنون)). وهو أبعد بكثير مما يتصوره البعض بأنه خارج المحيط... نعم تلك هي عفرين... وتلك هي مساءات عفرين المكللة بطهارة عدنان جندو.

لم يشق الصف أبداً ولم يتهم أحد بجناية دم أحمر أو قلب مكسور. لم يجرح الزيتون ليخرج الفرح و الكبرياء ويتعالى بالأجوف المنحل دائماً في محيط هلامي مكبل بالمؤامرات الدنيئة التي لا تدخل خارطته.

هكذا أنت عدنان و هكذا عفرين الممتدة فيك أبداً، و ما أنت إلا حانة قديمة سيلجأ إليك كل من شرب نخب الكروم الكردية و الزيتون المتشامخ في تلك الساحة الصغيرة في منتصف اليوم العفريني (( بازار)) و الكبير بجناحيه، المحتضن لكل الأشياء الآتية من الجبال و الجعبة ومازالت مليئة بالحكايات التي تحمل النبيذ و الزبيب.

الدخان مازال يتثاءب بالكثير من الأسماء و العناوين و أنا القادم دائماً إلى صديق أباد جثته لك ولي و لعفرين (( المصور يوسف حسين )) عندما كنت تتأهب دائماً لزيارته كلما بللتك التنهدات الآتية من صدور الأمهات اللاتي يشعرن بالخجل من رشفة أطفالهن المبتورين من الحزن و المكللين بابتسامات الطباشير الملون برمان (( باسوطة )) و لوحات (( كفر جنة )) المحاطة بالبنفسج و ليالي العصافير المهاجرة عبر الأوطان لتعود كما أنت إلى قلب عفرين.   

ابراهيم ابراهيم

الدنمارك

العودة إلى الصفحة الرئيسية