أبناء الريف يشمرون عن سواعدهم

" فساتين للزفاف وأخرى للسهرة "

رمزي شيخ موسى

أجرى الحوار

عبدالرحمن حاجي عثمان

خلق الله بني البشر في صورة هي أفضل مما هي عليه الكائنات أجمع ، ومن شدة حبه  لعباده ـ جل شأنه ـ فإنه أغدق عليهم  بالعطايا ومنحهم حق التصرف  بكثيرٍ  من الثروات التي تزخر بها الأرض ظاهرها وباطنها ، ومن البشر من قابل تلك النعم بطاعة الخالق من دون معصية ومنهم من جحد بنعمته و...... كل نعجة من عرقوبها معلقةٌ.

   

  من عفرين عروس الشمال السوري ، من قرية ميدانليات المتربعة على  سلسلة من مرتفعات جبلية تشقها سكة حديد وطريق إسفلتي يربط حلب بناحية راجو ، من تلك الربوع التي تأخذ الألباب لجماليتها وبهاءها وحسنها ... من تلك القرية الريفية الهادئة الوادعة ، شدَّ الرحال واحد من أبنائها قاصداً العاصمة بحثاً عن فرصة  عمل تنقذه من براثن الفاقة التي تخيم بظلالها على أبناء القرية كلهم ، وكما يقال ( على نياتكم ترزقون ) فإن ذاك الجبلي َّ قد وجد ضالته في دمشق ، وبدعاء من الأهل ورحمة من رب العالمين ، فإنه وُفــِّـقَ في مسلكه المعيشي وأخذت أعماله تتوسع لتفان ٍ وإتقان ٍفي العمل ولحضارية في التعامل مع زبائنه .

رمزي شيخ موسى إنسان بسيط إلى أبعد الحدود ، لم يزل ومن يوم مغادرته لقرية / كازه ـ ميدانليات / يحمل في قلبه ذكريات جميلة يعزُّ عليه مفارقتها ، تعلمه العزف على آلة العود وإتقانه للعزف في يومنا هذا ... تعلمه الخياطة واتساع نطاق أعماله .

رمزي اليوم  صاحب ورشة صغيرة بإبداعات مبهرة ، تعتمد على تصنيع الفساتين للسهرة وأخرى للعرائس وتلقى بضاعته رواجاً منقطع النظير ولأن موقعنا " تيريج عفرين " موقع جماهيري يهتم بأدق تفاصيل الحياة العفرينية ، فكان لا بد لنا من تسليط بصيص ضوء على هذا المشروع الذي أدخل البسمة إلى أفئدة الكثير من أبناء الريف.

ـ بداية أرحب بك في موقع " تيريج عفرين " وأرجوا أن تطلع زوار الموقع على طبيعة العمل في مشروعك الذي كما ألمس فإنه قد أعطى أُكُــلـــَهُ .

ـ سعيد أنا بالتواصل مع أبناء منطقتي من خلال الموقع ، وليمنحني الخالق القدرة على خدمة كل من أجده بحاجة إلى عون ومساعدة ، تعلمت بأن الإتقان في العمل أساس للنجاح  ، وبما أن فساتين السهرة والعرائس تعتمد التركيز والدقة ، فإني فكرت في الاستفادة من خبرات أبناء قريتي في هذا المجال ، طرحت عليهم الأمر فوافقوا ، كانت البداية في عام 2004 وتحديداً في الشهر التاسع ، حينما أرسلت المواد أولية إلى القرية ( أقمشة ـ خرز ـ نوال ) أرسلت الفساتين إلى البيوت ، فتحولت تلك البيوت  بين عشية وضحاها من أماكن يمارس فيها البشر طقوسهم الحياتية إلى ورش ٍ يخرج منها فساتين مرشوشة بالخرز يقبل التجار على شرائها بنهم .

ـ هل من قرى أخرى أسهمتَ في تشغيل أبنائها ؟ نرجو أن تحدثنا بإسهاب عن الفوائد التي جناها أولئك الشبان من هذا المشروع .

ـ تعدى العمل نطاق قريتي إلى قرى مجاورة هي ( جقماق كبير ـ علمدار ـ ميدانليات ـ مدينة عفرين ) ، و عدد العاملين في  ازدياد مضطرد . قبل أن ينخرط أبناء تلك القرى في العمل لديَّ ، كانت أوضاعهم مزرية ، شبح البطالة كان يجثم فوق صدورهم ، ديون متراكمة ، بيوت قديمة متهالكة ، زيتون مرهونٌ ، وبفضل من الله فقد تغيرت الأحوال ، سُدَّت ِ الديون ، وفــُكَّ رهن الزيتون ، وأعيد ترميم المنازل ، فعم الفرح معظم بيوتات تلك القرى ، حينما شمر الشبان والصبايا عن سواعدهم   ، وأخذوا يتلمسون طرق عيش جلبت لهم  نعيماً ملأ أنفسهم وقلوبهم  بالغبطة والحبور  .

من صاحب المشروع رمزي شيخ موسى ننتقل إلى المشرف عليه محمد رشيد من قرية جقماق كبير   الذي حدثنا عن مشاعره  بهذا المشروع .

ـ سعادتي لا توصف وأنا أرى البطالة ولت في قرانا المترامية على هذه الجبال البعيدة عن المدن الكبيرة ، استفاد من هذا المشروع أهالي قرى (جنجالي  وعلمدار ومامانلي وميدانليات ) وأما البضائع فإنه يتم تصريفها في حلب ، في محلات ( جورج لحدو ـ الملاك الأبيض ـ بيت العرائس ـ بون مرياج ) وفي دمشق في محلات (جندول ورحال في  شارع الحمرا) ، ويتم تصدير هذه المنتجات إلى ( الأردن وليبيا وإلى دول الخليج ... )

 على هامش استعراضنا لفعاليات المشروع ، التقينا بالسيد حبش رشيد محاسب المشروع ، فحدثنا عن انطباعاته قائلاً :

ـ المشروع إنجاز كبير ساهم أبناؤنا في إنجاحه ، والفائدة منه قد عمت جميع الأهالي الذين يعمل أبناؤهم لدينا ، ففي قريتي ( جقماق كبير )  وحدها ، استفاد من المشروع عائلات لابأس بها ، وما أرجوه  من أصحاب رؤوس الأموال أن يسيروا على الدرب الذي سار عليه صاحب المشروع السيد رمزي شيخ موسى في إنعاش الريف وإبعاد البؤس عن أهله ، فالخامات كلها متوفرة في قرانا ولا ينقصنا إلا  التفاتة  ممن يمتلكون المال كي تنهض قرانا من سكونها الموحش وفقرها المدقع  فتعتلي صهوة الحياة بعز وكرامة . أدعوا إلى تعدد المشاريع وتنويعها دون التركيز على معامل البيرين والصابون أو بناء المعاصر فقط ، فالتنوع في المشاريع يجلب الفائدة لأصحابها ولأبناء المنطقة على حد سواء .

في قرى ( سمالك ـ ميدانو ) التقينا بالعاملات النشيطات ( بريفان ودجلة وفهيمة ونسرين ومدينة  ) وهن يعملن في منازلهن ، عبرن عن فرحتهن الكبيرة وهن يساعدن الأهل في تحمل أعباء العيش وتمنين من ذوي الميسرة ، القيام بمشاريع أخرى تساهم في دمج أبناء القرى في ركب العمل خلاصاً من بطالة يئن تحت وطأتها كثير من الشبان والفتيات .

ـ السيد رمزي ما رأيك بموقع تيريج عفرين ؟... وتجربة حياتك في سطور .

موقعٌ كحديقة مليئة بالأزهار الجميلة وهي بوابة تظهر من خلالها الصورة الحقيقية لمنطقتنا الجميلة عفرين بزيتونها ووديانها وجبالها وأنهارها وأهلها إلى جميع أنحاء العالم ، معرفة العالم عن العادات والتقاليد والفنون والثقافة وكل شيئ عن منطقة عفرين في الشمال الغربي من وطننا سوريا  ، الإرادة والتصميم والطموح المشروع يستطيع المرء تحقيق ما يريد وهذا ما زرعه في فكري وعقلي والدي وأهلي وأصحاب الفضل عليّ في مهنتي هذه ، وطموحي بأن تتحول هذه الورش الانتاجية في قرانا وقرى سوريا إلى معامل وورشات مختلفة في الانتاج لكي نتيح لآهالي منطقتنا فرص العمل والقضاء على ظاهرة البطالة  .

 

****************************** ******

ملاحظة :

ـ المركز الرئيسي للتوزيع : دمشق ـ ركن الدين ـ أزياء يارا

ـ المركز الثاني : حلب ـ الأشرفية ـ الدوارالثاني ـ آخر نزلة المستوصف ( محل يارا )

اعداد وتنفيذ الحوار إدارة موقع تيريج عفرين

تيريج عفرين 10 / 6 / 2009

كل الشكر للفنان الضوئي عبدو ليلاف

évé

 العودة إلى الصفحة السابقة