المتممــات الغذائيـــة

بقلم

الدكتور الصيدلاني

نظام عبد الحميد الغباري

سعى الإنسان منذ أقدم العصور إلى التمتع بحياة طيبة وعمر طويل والحصول على إحساس جيد بالحيوية والصحة وهو هدف أساسي للشاب والشيخ على حد سواء والمريض والسليم في عصر انتشرت فيه أمراض عدة كالسرطان وأمراض القلب والعديد من أمراض الاكتئاب والشعور بالضيق والبدانة وخاصة عند الأطفال, وأغلب تلك الأمراض ناتجة عن نظام الحياة العصرية بدءاً من العمل وقضاء الساعات الطوال خلف المكتب انتهاءً بالجلوس أمام التلفاز وأكل الطعام أمامه بدون أي نشاط بدني لتنتج لدينا منظومة غذائية مختلة من كثرة وتنوع الطعام وقلة الحركة وبالتالي اختلال التوازن الطبيعي.
وبالعودة إلى قانون الطبيعة فإننا لم نجد حيواناً في الغابة يعاني من مرض البدانة مثلاً!!! فالفارق الوحيد في مظهر الحيوانات هو الشيخوخة لأنه منذ خلقها الله سبحانه وتعالى لم تغير في وجباتها المعتادة ونوعية الغذاء من حيث الكم والنوع فمثلا إن الحيوانات لا تأكل إلا إذا كانت جائعة وكذلك فإن آكلات العشب بقيت آكلات للعشب وآكلات اللحوم بقيت كذلك وعندما حاول الإنسان التدخل في ذلك النظام ظهرت لدينا أمراض مرعبة كجنون البقر مثلاً.
إن تلك الطبيعة التي نسيها الإنسان بسبب ضغوطات الحياة المختلفة جعلته ينسى الفطرة التي فطره الله عليها ومن هنا بدأت الصيحات تعلو للعودة إلى الطبيعة والاستفادة منها في العلاج وظهرت أنواع جديدة من الطب ومنها ما يسمى بالطب البديل أو الطب المكمل ALTERNATIVE OR COMPLEMENTARY MEDICINE .
إن هذه العلوم لم تأتي بالمطلق لتنقض ما قبلها بقدر ما أنها تسعى لإغناء وتكميل العلوم الأخرى وإضافة ِأساليب علاجية مغايرة للوصول إلى الهدف المشترك الأوحد بين جميع التخصصات الطبية في إيجاد العلاج الطموح بأعلى فعالية ممكنة وأقل أعراض جانبية إذا ما وجدت.
نوع آخر من هذه العلوم والعلاجات التي غزت العالم غزواً شرساً وهاهي اليوم تدق باب بلدنا الحبيبة سوريا وصدى قدومها بدأ يسمع في الأفق إنها (المتممات الغذائية) أو DIETARY SUPPLEMENT فكرة جديدة نوعاً ما على أذن المواطن لكنها ليست كذلك على عينيه فنحن في بلدنا نرى الخضار والفواكه الطازجة التي تصدر للعديد من بلدان العالم. من تلك الخضار والفواكه كانت المتممات الغذائية. وقبل أن يحصل أي لبس أو أن تفقد عزيزي القارئ الرغبة في القراءة لأنك بدأت تفقد الثقة حالما سمعت كلمتي الخضار والفواكه سأشد انتباهك بتوضيح بسيط قد يكون جديداً عليك فالمتممات الغذائية قد تراها أيضاً على شواطئ البحار في الأسماك والقشريات والمحار وما إلى هنالك من كائنات بحرية أخرى.
باختصار تلك المتممات الغذائية هي منتج يقف في المنطقة المحايدة بين الدواء والغذاء وهو مادة طبيعية قد تكون نباتية أو حيوانية المنشأ وهي مصنعة بشكل صيدلاني بحت يؤخذ عن طريق الفم حصراً سواء أكانت حباً أو كبسولاً أو مسحوقاً أو شراباً.....الخ.
إن ما قد يندرج تحت تسمية المتممات أو المكملات الغذائية مواد عديدة جداً والخيارات التي يتيحها المتمم بدوره عديدة جداً وهذا ما يجعله خياراً مفضلاً لدى العديد من المرضى.
فأي من الفيتامينات, المعادن, الحموض الدسمة, الحموض الأمينية والمستخلصات النباتية والعشبية كلها هي مكملات غذائية تحت تصنيف قانون الصحة والتعليم للمتممات الغذائية DIETARY SUPPLEMENT HEALTH AND EDUCATIONAL ACT أي (DSHEA) الذي صدر في أمريكا عام 1994.
إن دخول المتممات الغذائية يطرح علينا أسئلة عدة جوابها يكون بنعم أو لا ولعل أهمها ما يطرق باب الشيخوخة وخصوصاً أننا نربط الشيخوخة بالأمراض العديدة في حين أنها مرحلة عمرية حالها حال أي مرحلة أخرى إلا أن الإهمال فيما سبقها من المراحل السابقة يؤدي إلى نتائج سلبية,
هنا يبرز دور من أدوار المتممات الغذائية العديدة ألا وهو الدور الوقائي فبوجود المتممات الغذائية نقلل من الكثير الكثير من السلبيات التي قد تظهر في الشيخوخة فعلى سبيل المثال لا الحصر نرى أن مضادات التأكسد التي أحدثت ضجة كبيرة عالمياً أضحت اليوم في متناول الجميع على اختلاف أنواعها واختلاف حاجيات الناس وتلك المضادات تقوم بإعادة التوازن للحياة من خلال التوازن بين عمليات الهدم والبناء المستمرة في جسمنا والتي بمرور الوقت يمكن أن تحدث خللاً مما يؤدي إلى اختلال التوازن نتيجة خلل في الشوارد الحرة أو FREE RADICALS.
• اعتيادياً 2% من O2 الذي نتنفسه يتحول إلى شوارد حرة إضافة للتلوث والتدخين والتعرض للإشعاع والإصابات كلها هي مصادر معروفة للشوارد الحرة التي إذا تركت بغير سيطرة تستطيع إحداث أضرار جسيمة للخلايا مما يؤثر سلباً على وظائفها, وفيتامين E أو هـ : هو مثال فعال وحيوي على مضادات التأكسد وقد أثبتت الدراسات العلمية المنشورة في المجلات المحكمة تأثيره في التقليل من أمراض القلب والخرف ALZIEHIMER'S DISEASE وهنالك أشكال عدة من مضادات الأكسدة كفيتامين C والكركم CURCUMA الذي يستخدم في مطبخنا الشرقي بشكل اعتيادي.
ومن المتممات الغذائية التي يمكن أن تلعب دوراً علاجياً و وقائياً في آن واحد يستحضرنا:
• سلفات الغلوكوزامين GLUCOSAMINE SULFATE: سكر أحادي أميني على شكل حبوب يفيد في الوقاية والعلاج من أمراض التهاب المفاصل والعظام. ويعد التهاب العظام والمفاصل التنكسي OSTEOARITHRITIS من أكثرها شيوعاً بين النساء والرجال على حد سواء. ويمكننا أن نجد هذا المستحضر مضاف إليه العديد من المتممات الغذائية الأخرى مثل CHONDRIOTIN والذي من أهم مميزاته أنه يثبط الأنزيمات المخربة للغضاريف.
OMEGA 3: هي مجموعة أحماض دهنية متعددة غير مشبعة تتواجد في الأسماك كالسردين والتونه والسلمون وكذلك في فول الصويا وزيت الذرة وهي تعمل على التقليل من فرص تكون جلطات الدم وخفض الشحوم الثلاثية TG كذلك وجد أنها تعالج الروماتيزم والتهابات المفاصل الرئوية.
وعلى الرغم من الفائدة الكبيرة التي تنتج عن استخدام المتممات الغذائية فإنه يجب أن نذكر دائماً بالاستخدام الصحيح والمنظم لها وذلك عن طريق مراعاة ما يلي:
1. أولا وقبل كل شيء عليك باستشارة طبيبك أو الصيدلي المسؤول عن الصحة العائلية.
2. اقرأ بنفسك اللصاقات الموضوعة على العلبة وفي حال وجود أي استفسار راجع طبيبك أو الصيدلي المختص.
3. لا تتشارك دواءك مع الآخرين فكل شخص له فيزيولوجية خاصة قائمة بذاتها.
4. تجنب استخدام أي صنف للأطفال أو المرضعات أو الحوامل بدون استشارة طبيبك أو الصيدلي المختص.
5. اتبع النصائح المحددة كما هي من ناحية الجرعات اليومية وعددها وأوقات تناولها.
6. انظر دوماً لتاريخ الإنتاج والانتهاء وتأكد أن الدواء قد وصلك بطرق صحيحة.
7. احفظ هذه الأدوية دوماً في أماكن جافة بعيدة عن أشعة الشمس ولا تصل إلى أيدي الأطفال.
8. شارك طبيبك أو الصيدلي المسؤول بتاريخك الصحي قبل تناول أي دواء منعاً لحدوث أي تداخلات دوائية.


تيريج عفرين 24 / 9 / 2008