دارسة تاريخية

الصراع الحوري – الحثي – المصري

على شمالي سورية في الألف الثاني قبل الميلاد         

 الجزء الرابع  الحوريين:

اختلف المؤرخون في أصل الحوريين, فذهب بعضهم إلى شعب ما زال أصله مجهولاً و ذهب فريق آخر إلى الحوريين إنما هم أقوام هند و أوربيون, و أن هناك ظلالاً من شك حول انتماء لقوم إلى "السوباريين" الذين ذكروا إلى جوارهم في نصوص رأس الشمرا (أوجاريت) , و الذين ذكروا كذلك في الألف الثالثة قبل الميلاد , على أنهم شعب كبير يشغل مساحة واسعة.

و يجمع العلماء أو يكادون على أن الحوريين إنما قد جاءوا من المرتفعات الواقعة بين بحيرة أورمية و جبال زاغروس (3).

 _________________

(3)-  محمد بيومي مهران: بلاد الشام, دار المعرفة الجامعية – الإسكندرية ,1990 , ص 451.

ظهر الحوريون في التاريخ من منتصف الألف الثالث ق.م ( أي منذ العهد الأكادي ) , حيث كانوا ممثلين بأعداد قليلة في شمال بلاد النهرين شرقي دجلة , ثم زاد عددهم منذ عهد سلالة أور الثالثة , وزادت مساحة الأراضي التي شغلوها في منتصف الألف الثاني ق.م , و أصبح لهم كيان سياسي في شمال بلاد النهرين وسورية و بعض جهات الأناضول ,    وفي ذلك الحين كان الساميون الأكثرية في و سط الفرات و جنوب سورية , و بلغ نفوذهم أوجه عندما أسسوا دولة قوية في شمال سورية بالإضافة إلى مكانتهم في العراق و لعبوا دوراً هاماً في سياسة المنطقة(1).      و لقد استغل الحوريون تدمير "حمورابي" مملكة "ماري" فوسعوا منطقة انتشارهم وما أن سقطت العاصمة البابلية في يد الحثيين حوالي عام 1530 ق.م.  حتى كان الحوريون قد أسسوا مملكة تعرف باسم " المملكة الحورية – الميتانية " و عاصمتها مدينة "واشوكاني", و كان المصريون يطلقون على المنطقة الحورية – المينانية اسم "نهارينا" و اسماها البابليون "بلاد خانيجالبات". و عرف الحوريون , شأن الكاشيين و الهيكسوس , تربية الخيول التي انحصرت في يد فئة معينة منها و شكلت بواسطتها طبقة من الفرسان أطلق عليها اسم "ميتاني" أو "ماريانو" التي تسلمت قيادة الشعب الحوري , و استناداً إلى ذلك صار العلماء يطلقون على هذه المملكة اسماً مركباً هو  " المملكة الحورية – الميتانية "(2).

أ- أشهر الملوك الحوريين – الميتانيين:

اعتلى عرش المملكة الحورية – الميتانية ملوك عديدون و كان من أشهرهم "شوتارنا" الأول و "باساشاتار" و "ش اوشاتار" و "أرتاتاما" الأول و "شوتارنا" الثاني و "توشراتا" ثم "ماتي وازا" وآخرهم المدعو "هوربا – تيلا" حيث انتهت في عهد المملكة الحورية – الميتانية إلى الزوال حوالي عام 1330 ق.م و كان نفوذ هذه المملكة يقوى و يتعاظم كلماكات ضعفت سلطة المملكة الحثية , و لذلك استطاع بعض ملوكها أن يوسعوا دائرة نفوذهم السياسية و العسكرية حتى شملت بقاعاً واسعة خارج منطقتها الأصلية , و قد بلغت ذروتها حوالي عام 1450 ق.م خلال عهد الملك "شاوشاتار" إذ امتدت من أرابشا في مقاطعة "كزكوك" الحالية شرقاً حتى إمارة موكيش بالقرب من حلب غرباً.

(1)-محمد أبو المحاسن عصفور:معالم تاريخ الشرقف الأدنى القديم, دار النهضة العربية, بيروت,ط3 1984ص392

(2)- توفيق سليمان: المرجع المتقدم , ص 312.

ووصل عن الملك أنه شن حرباً خاطفة ضد جيرانه الآشوريين في الشرق و احتل عاصمتهم  "واشوكاني" محملاً بغنائم الحرب و من بينها باب مرصع بالذهب و الفضة (1).

ب- التوسع الحوري:

إن الحوريين جابهوا صعاباً عند توسعهم الكبير في مناطق استيطانهم , و أثناء تأسيس رابطة سياسية هامة تجمع بينهم و ذلك أقسى من التي لاقاها الشعبان الآخران الحثي و الكاشي. و من المحتمل أن يكون الدستور السياسي الداخلي لهذا الشعب , هو الذي شكل العائق الأساسي أمام ذلك: فجمهور الشعب الحوري خضع لقيادة دولة فوقية, لابد أن ينتمي أصلها العرقي على دم أجنبي ألا وهي طبقة الأشراف المقاتلين على العربات , أو ما يسمى بفرسان الخيول. تدلنا تسمية آرية بحتة لأصل هندي. و مما لا شك فيه أن الشعب الحوري قد امتص هذه الطبقة الحاكمة تدريجياً إلى أن انحلت فيه نهائياً.

و لم يكن دوماً من الوضوح بمكان كيف يتميز مفهوم " الملك الحوري " من مفهوم "ملك الدولة الميتانية " فالميتانية تسمية يطلقها في القرن الخامس عشر و الرابع عشر ق.م على دولة واسعة الأطراف تمتد ما بين زاغروس و البحر المتوسط و من بحر وان حتى آشور وارّابشا (2).

و لقد ترك الحوريون حكام المدن و الممالك يحكمون مدنهم , وسيطروا على سورية ومن ضمنها حلب , حيث أن ملكها , إيليم أيوما في فترة حكمه نشبت ثورة بحلب قضت على حياة هذا الملك, و أرغم ابنه على التخلي عن العرش و الهرب إلى خارج البلاد , و نشبت الثورة بالأصل ضد الحكام الميتانيين الذين تمكنوا من استمالة الشعب لصالحهم , و قضى ابن ملك حلب المذكور (إدريمي) سبع سنوات في بلاد الكنعاني,حشد خلالها جيشاً واسطولا وتوجه إلى قرب انطاكية وهناك

_________________

(1)- توفيق سليمان:المرجع نفسه,ص313.

(2)- انطوان مورتكات: تاريخ الشرق الأدنى القديم,تعريب:توفيق سليمان,علي أبو عساف,ص203-204

 

  التقي بوفد على رأسه أخوته فقدموا له الطاعة , و هناك أرسل الهدايا الكثيرة للميتانيين ليستدر عطفهم ورغم ذلك فقد رفضوا عودته إلى حلب (1).

و لكن إدريمي بعد اتفاقه ومصالحته مع باراتارنا , أي بعد خضوعه للملك الميتاني أصبح ملكاً على ألالاخ , و قد قام إدريمي بحملة على منطقة تابعة للحثيين و كان الهدف من ذلك نهب بعض المواقع الحثية و هذا الهجوم تم بموافقة سيد ميتاني , و ربما نصت المعاهدة مع حوري – ميتاني على قيام إدريمي بدعم نشاطات سيده العسكرية عن طريق هجمات جانبية.

وقد حكم إدريمي ثلاثين عاماً,ثم خلفه ابنه ينقميبا على حكم ألالاخ (2) .

ج- الصراع بين المصريين والمملكة الحورية – الميتانية:

انفصلت سورية عن السلطة المصرية في عهد الملكة حتثبسوت وتعاظم نفوذ المملكة الميتانية في شمال شرق سورية وتزعمت حلفاً قوياً ضد الملك تحوتمس الثالث (1502-1450ق.م) ولقد اشتهر هذا الملك بكثرة غزواته التي بلغت ست عشر غزوة ضد سورية,وتمكن من خلال الحملة السادسة من احتلال مدينة وحصن (قادش) التي تزعمت المقاومة ضد المصريين وهزم حلفا آخر في جنوب سورية  بالقرب من مدينة (مجدو) وبالرغم من الانتصار فإن ذلك لم يحل بين أمراء اواسط وشمال سورية وبين النهوض ثانيةً ضد الفرعون المصري.

وهنا اضطر تحوتمس,خلال السنة الثلاثين من حكمه غزو بلاد ريتينو ودمر قادش للمرة الثانية وتوغل في أراضي سورية.أما بالنسبة للمملكة الحورية –الميتانية التي ظلت تشكل مصدر الخطر الرئيسي على مصالح المصريين في سورية,فرأى تحوتمس أن لابد من تجريد حملة عسكرية ضدها وقد نفذها فعلاً في السنة الثالثة والثلاثين من حكمه ووصل إلى نهر الفرات,وأقام لشخصه نصباً تذكارياً بالقرب من النصب التي كان قد أقامها(تحوتمس) الأول,ولم يتوغل بعيداً داخل أراضي المملكة الحورية – الميتانية وإنما اكتفى بالاصـطدام مع جيشها وتخريب مناطق حدودها الغربية الجنوبية.

____________________

(1)- أحمد علي إسماعيل علي:المرجع المتقدم,ص49.

(2)- هورست كلينغل:المرجع المتقدم,ص103.

 

 و لم يكد تحوتمس يصل أثر هذه الحرب , حتى عادت المملكة الحورية من جديد إلى التدخل في شؤون سورية و تحريض سكانها للتهوض ثانية ضد سلطة فرعون فيها . وما كان من تحوتمس إلا أن جهز جيشاً ضخماً قاده أيضاً بنفسه خلال السنة السابعة و الأربعين من حكمه و اجتاح مناطق سورية حتى وصل إلى نهر الفرات , و استطاع أن يصل إلى الأرض الحورية – الميتانية و يتوغل فيها و قام بأعمال مدمرة فيها.

ومات "تحوتمس الثالث" في عام 1450 ق.م خلفه ابنه "امنحوتب الثاني" و قام في العام التالي لتربعه على العرش 1449 ق.م بالزحف على سورية. و اصطدم بجيش نهارينا , و حصل على غنائم كثيرة و عاد إلى مصر.

و توفي امنحوتب الثاني و خلفه ابنه تحوتمس الرابع (1420 – 1405 ق.م) حيث اضطر إلى الزحف ضد نهارينا و مهاجمتها و انتصر على جيشها و عاد إلى بلاده بغنائم و فيرة (1).

د- التقارب و الصلح بين المصريين و المملكة الميتانية:

        أدرك تحوتمس الرابع أثر حربه الأولى ضد المملكة الحورية – الميتانية و انتصاره عليها عدم جدوى شن الحروب المتواصلة و ذلك للأسباب التالية:

1-      بعد مواطن العدو عن وادي النيل.

2-      بعد مصادر تموين جيش الفراعنة عن ساحات المعارك.

3-      عدم قدرة البلاط الملكي في وادي النيل على تمويل هذه الحروب الباهظة التكاليف.

و لذلك بدأ "تحوتمس" هذا عهداً جديداً من العلاقات الحسنة مع الملوك الميتانيين , وتقرب "تحوتمس" من الملك الميتاني "شوتارنا ابن ارتاتاما" و أخذ ابنته زوجة له التي أصبحت والدة خلفه الملك "امنحوتب الثالث" وعندما تسلم امنحوتب الثالث  1405 -1370  السلطة فمن الطبيعي أن يزيد من قوة أواصر القرابة و الصداقة مع أخواله.

________________________

(1)-  توفيق سليمان المرجع المتقدم , ص 364 – 365 – 366.

و لما عادت المملكة الحثية للظهور مرة أخر كقوة عظمى و بدأت بتوسيع مناطق نفوذها في شمال سورية , وجد فرعون أن الوقت حان لتقسيم سورية مع المملكة الحورية – الميتانية , وانفردت المملكة الحورية بالنصف الشمالي واكتفى فرعون بالسيطرة على النصف الجنوبي من سورية (1).

هـ- الحرب بين الحوريين – المينانيين و الحثيين و نهاية المملكة الحورية - الميتانية:

لقد جسدت شخصية الملك "توشراتا" نقيضين في آن واحد , هما قوة المملكة الحورية – الميتانية وعظمتها من جهة و نهايتها السياسية و العسكرية من جهة أخرى.

و قد ورد في مقدمة ومعاهدة الدفاع المشترك التي عقدت بين ابن "توشراتا" خليفته "ماتي وازا" وبين الملك الحثي "شوبيلوليوما" اسم ملك حوري آخر هو "ارتاتاما" و لكن "توشراتا" كان الملك الأكبر الذي دانت له كل البقاع الحورية – الميتانية بالولاء.

و قد أقام الملك الحثي علاقات دبلوماسية مع الملك "ارتاتاما" وتحدى بذلك وجود الملك الحوري    الميتاني الأكبر, و ازداد التوتر بين المملكتين عندما اعلنت مقاطعة الـ "شي" الولاء للملك الحثي , ودفع ذلك كله الملك "توشراتنا" إلى إعلان الحرب على الملك الحثي.

وأما الملك الحثي فرأى في ذلك فرصة سانحة له للهجوم على المملكة الحورية – الميتانية. فزحف في مقدمة جيشه , واجتاح مناطق سورية الشمالية ثم قام بعملية التفاف كبيرة على الحدود الشمالية و الشرقية للمملكة الحورية و اصطدم مع الآشوريين وردهم إلى داخل حدود أرضهم.

ثم عاد واجتاح الأراضي الحورية في طريقه إلى العاصمة "واشوكاني" وخاض معارك عسكرية ضد "توشراتا"و انتصر عليه واحتل عاصمته ثم نهبها و دمرها شر تدمير.

_________________

(1)- توفيق سليمان:المرجع نفسه , ص 367 – 368 .

و اغتنم "شوتارنا" ابن "ارتاتاما" الفرصة فخرب و دمر في الأراضي الحورية – الميتانية التي كانت تابعة للملك "توشراتا" و قد اعتقد أن عمله هذا سيجعله مقرباً من الملك الحثي المنتصر. الأمر الذي يسهل عليه اعتلاء العرش الحوري الميتاني , ولكن الملك الحثي نصب "ماتي وازا ابن توسراتا" ثم زوجة ابنته. و عقد معه معاهدة صداقة و دفاع مشترك و أصبحت المملكة الحورية - الميتانية الضعيفة جزءاً من الإمبراطورية الحثية كدولة هامشية وحاجزاً واقياً أمام أطماع الآشـوريـين التوسـعية (1). (1)-  توفيق سليمان: المرجع نفسه, ص315 – 316.

 الجزء الخامس الآشوريين:

أطلق اسم "أشور" في النصوص القديمة على كل من المدينة و إلهها و الدولة نفسها , وقد وردت كلمة "أشور" في المصادر السومرية فقد عرفت بلاد الآشوريين باسم "مات أشور" أي بلاد أشور, كما وردت كلمة أشور في المصادر من القرن الثالث عشر ق.م "اش شر".

و يقع الإقليم الآشوري على طول دجلة من خط عرض 27 شمالاً حتى مصبه جنوباً على صورة مثلث يحصره دجلة و الزاب الأعلى و الزاب الأسفل و تحاذه من الشمال و الشرق جبال عالية و هضاب و الحدود السياسية جنوباً و غرباً خاضعة لمدى التوسع الاستعماري فهي تتقلص مرة , وهي تمتد مرة أخرى و كانت عاصمة أشور هي مدينة "أشور" و تعرف خرائبها اليوم باسم "قلعة الشرقاط" على بعد 110 كيلو متر من الموصل.

و الآشوريون في الأصل فرع من الأقوام السامية التي هاجرت من مهد الساميين الأصلي و هو جزيرة العرب و يفترض العلماء لذلك فرضين أولهما:

إن الآشوريين جاؤوا من الجنوب من أرض بابل معتمدين في ذلك على التقارب بين اللغتين الآشورية و البابلية , ورغم وجود بعض الاختلافات وثانيهما: إن الآشوريين موجة أرامية جاءت من سورية أي أنهم من الساميين الغربيين.بل وإن "ول ديورانت" يرى أنهم خليط من هؤلاء السامين و من قبائل غير سامية.

جاءت من الغرب ( ولعلهم من الحثيين أو من قبائل تمت بصلة إلى قبائل ميتاني) ومن الكرد سكان الجبال الآتيين من القوفاز , وأخذ هؤلاء كلهم لغتهم المشتركة و فنونهم من سومر.

و يقسم المؤرخون تاريخ أشور القديم إلىثلاثة عصور متميزة هي:

1- العهد الآشوري القديم و يبدأ من فجر التاريخ الآشوري إلى نهاية حكم أسرة بابل الأولى.

2- العهد الآشوري الوسيط أو عصر المملكة الآشورية و يبدأ من نهاية مملكة بابل و ينتهي في

     بداية القرن التاسع قبل الميلاد.

3- العهد الآشوري الحديث أو عصر الإمبراطورية و يقسم بدوره إلى قسمين:

أ- الإمبراطورية الآشورية الأولى و تمتد من 913 – 745 ق.م و تبدأ بعهد الملك "أور

    نيراراي الثاني" و تنتهي بعهد الملك أشورنيراراي السادس.

ب- الإمبراطورية الآشورية الثانية. وتمتد من حوالي عام 745 – 612 ق.م و تبدأ بالملك. تجلات بلاسر الثالث و تنتهي بالملك "أشورأوبلط الثاني" .

أ- العهد الآشوري القديم:

حكم آشور خلال هذه المرحلة سبعة عشر ملكاً و ذلك حسبما ورد في القائمة التي عثر عليها في خورسباد إلا أنه يرجع أن بعض هؤلاء الملوك كان يعاصر بعضهم البعض, وقد خضع الآشوريون في البداية لحكم ملوك أسرة أور الثالثة و لكن بعد سقوط أسرة أور انتهز الآشوريون الفرصة و استقلوا , وفي ذلك الوقت بدأ الملك الآشوري "بوزرو – آشور الأول" الذي حكم حوالي عام 2000 ق.م إقامة سلسلة جديدة من الملوك الآشوريين الذين يحملون أسماء أكادية.

و في عهد الملك "ايلوشلوما" تمكن الآشوريون من التوغل في جنوب بلاد النهرين أثناء حكم مملكة ايسين .

و ذهب شمشي أور, بعد انتصار يجيد ليم ملك ماري على والده , إلى بلاد بابل, و قاد جماعات من البدو واحتل مدينة ايكالاتوم و احتل بعد ذلك آشور , وكتبرير

لعمله أدعى أن الإله إنيل هو الذي أعطاه الحكم في بلاد الرافدين و كشكر لهذا الإله أسس شمشي أرد معبداً له في مدينة آشور و سمى مدينة في أعالي بلاد الرافدين باسم شوباط إنليل أي مسكن إنليل و كان يقيم فيها في أغلب أحيان.

و حكم شمشي أرد من (1815 – 1784) ق.م و كان لديه ولدان هما يسماخ أدد و إشمي داجان , وقد أوكل شمشي أدد ابنه وولي عهده إشمي داجان أمر المقاطعات الشرقية و الجنوبية الشرقية من إمبراطوريته لصد هجمات بابل واشنونا و شعوب إيران.

وأطلق شمشي أدد على نفسه لقب "شاركيشاتيم" أي "ملك الجميع" و كان يحكم بالتوسع نحو الغرب باتجاه سورية , لذلك قام بعقد تحالفات سياسية مع كركميش و خاشوم و أورشوم , وهي ممالك صغيرة كانت تقع شمال سورية على الفرع الأعلى. متن شمشي أدد علاقاته أيضاًَ مع غشخي أدد ملك قطنه بتزويج ابنه يسماخ أدد الحاكم في ماري من ابنة هذا الملك , وكانت كل تحالفات شمشي أدد التي عقدها موجهة ضد دولة يمحاض التي قاومت خططه في التوسع في شمال سورية.

و بعد وفاة شمشي أدد لم يستطع إشمي داجان المحافظة على وحدة الإمبراطورية التي أنشأها أبوه فعاد زمري ليم إلى ماري بمساعدة ياريم ليم الأول ملك يمحاض. وقام "إبال بيل الثاني" ملك اشونا بمهاجمة الإمبراطورية الآشورية من الجنوب و استطاع الاستيلاء على أجزاء منها و خسر إشمي داجان مناطق عديدة في أعالي بلاد الرافدين (1).

ب- المملكة الآشورية الوسطى (1380 – 913 ق.م):

حكم خلال هذه المرحلة ستة و عشرون ملكاً منذ نهاية أسرة بابل الأولى و حتى بداية العهد الآشوري الحديث , ويعاصر العهد الآشوري الوسيط في مصر عصر الدولة الحديثة , وفي خاتي عصر الإمبراطورية الحثية و في جنوب العراق كان هناك الكاشيون.

و يبدأ العهد الآشوري الوسيط باستقلال آشور من نفوذ البابليين بعد سقوط دولة بابل الأولى في أيدي الحثيين الذين ما إن تراجعوا عنها حتى احتلها الكاشيون. و كان الملك شمشي أدد الثاني هو الذي جعل من الآشوريين قوة لها كيان في ذلك الوقت.

تكونت بجوار الآشوريين من جهة الغرب قوة هي قوة الميتانيين التي أنشأها الحوريون , ولقد تمكن الميتانيون من فرض سيطرتهم و نفوذهم على دولة آشور و استمرت تلك السيطرة زهاء قرن من الزمان.

و لقد ساعدت الظروف في الصراع ما بين الميتانيين و الحثيين مما أرهق الطرفين, وزاد الأمر سوءاً بالنسبة للميتانيين انقسام البيت المالك الميتاني إلى فريقين متناحرين و عاصر هذه الأحداث الملك الآشوري "آشور أوبلط الأول".

وسارت الدولة الآشورية في نموها و توطيدها ثم توسعها في عهد الملوك الذين خلفوا "آشور أوبلط" والتزام هؤلاء السياسة الحكيمة في تقوية الدولة دون الدخول في مغامرات حربية و فتوحات تستنزف قوى الدولة فنهجوا نهجه (1).

واستطاع أحد أحفاد "آشور أوبلط الأول" أدد نيراري الأول (1305 – 1274ق.م) أن يوسع حدود الإمبراطورية و شملت فتوحاته جنوب طور عابدين عدة مدن ميتانية من بينها العاصمة "واشوكاني" وهنا بدأت العلاقات بالتوتر مابين ميتاني و آشور و التي أدعى الآشوريين أنها خاضعة لهم .

و في عهد شلمانصر الأول (1273 – 1244 ق.م) أصبح لآشور عدو جديد هو أورارتو , و بعد أن قام هذا الملك بحماية الحدود الشمالية لمملكته اتجه نحو تأمين الحدود الغربية و بخاصة مقابل الحثيين الذين كانوا يحاولون باستمرار التدخل هناك من خلال دعمهم لملك حوري – ميتاني الضعيف ضد الآشوريين. و لكن شلمانصر انتصر على مملكة حوري – ميتاني و استطاع أن يقف على قدم المساواة مع ملك حاتي القوي.

و في عهد توكولتي نينورتا الأول (1243 – 1407 ق.م) الذي قام خلال سنتين بضم أجزاء البحرين , واستطاع بعد نصر على الملك الكاشي في بابل أن يجعل بابل تابعة له. و نقل تماثيل الإله مردوك و هدم أسوار المدينة ة عين عليها حاكماً آشورياً. لكن توكولتي نينورتا سقط ضحية مؤامرة كان على رأسها ابنه, ومرت آشور بعد ذلك بفترة من الضعف كانت خاضعة خلالها للنفوذ البابلي.

وصلت آشور مرة أخرى إلىدرجة كبيرة من القوة في عهد ملكها تيجلات بيلصر الأول   (1112 -  1074 ق.م) الذي كان يتمتع بذكاء و مقدرة عسكرية فائقين.

وقاد عدة حملات باتجاه الشمال الشرقي حتى وصل إلى بحيرة فان, و اتجه بعد ذلك بأنظاره نحو الغرب إلى سورية, و قد سبقته شهرته العسكرية , لذلك نرى مدن جبيل و صيدا و أرواد تدفع له الجزية. و لكن الاتصالات مع سورية كانت مهددة دائماً من قبل القبائل الىرامية التي تتجول في المنطقة و يذكر تيجلات بيليصر أنه قطع الفرات ثماني و عشرين مرة من أجل القضاء عليها بالإضافة على نشاطه العسكري و فتوحاته قام تيجلات بيليصر الأول بنشاط عمراني فيفتخر ببناء سور و بصنع محراث للزراعة , وكان عمله الرئيس اتمام بناء معبد أنو – لأدد و معبد عشتار في نينوى , وقد خلفه عدة ملوك على عرش آشور و تراجعت قوة آشور .

ج- الإمبراطورية الآشورية الحديثة:

استغرق هذا العهد ما يقرب من ثلاثة قرون و ينقسم إلى إمبراطوريتين تخللتهما فترة ركود, و تبدأ الإمبراطورية الأولى بعهد "أدد نيراري الثاني" و تنتهي بعهد "آشور نيراري السادس" وذلك من حوالي عام 913 – 745 ق.م و حكم خلالها تسعة ملوك , وتبدأ الإمبراطورية الثانية بعهد الملك "آشور أوبلط الثاني" و ذلك من حوالي 745 – 612 ق.م و قد حكم خلالها عشرة   ملوك .

ولم يستطع الملوك الآشوريين الثلاثة آشور رابي الثاني وآشور ريش إشي الثاني وتيجلان بيليصر الثاني مقاومة المد الآرامي,فتقلصت مملكة آشور إلى حدودها الطبيعية,ولكن هذا الوضع تغير في عهد أشر دان الثاني (935-912ق.م) الذي وطد الوضع الداخلي وحقق انتصاراً على بعض القبائل الآرامية.وبدأت قوة آشور بالصعود من جديد في عهد ابنه وخليفته أدد نيراري الثاني (912-891ق.م) الذي قام بحملات عديدة ضد الآراميين وسيطر على الخابور وتابع ابنه توكولتي نينورتا الثاني سياسته الحربية فقاد عدة حملات باتجاه الشرق والشمال ووطد السيطرة الآشورية في منطقة الخابور.

اعتلى عرش آشور عام 884ق.م آشور ناصر بال الثاني الذي قام بحملات في مختلف الجهات.وسع من خلالها الإمبراطورية الآشورية فشملت مناطق تمتد من سواحل المتوسط في الغرب وحتى الشواطئ الغربية لبحيرة أورميا في الشرق فبعد أن قضى على ثورات الآراميين في منطقة الفرات الأوسط وقام بعدة حملات على مملكة بيت عديني الآرامية وأخضعها,ثم اتجه نحو الغرب وسار مع العاصي حتى وصل إلى لبنان حيث دفعت له مدن صور وصيدا وجبيل ودولة أمور والجزية.خلف آشور ناصر بال الثاني شلمانصر الثالث (858-824ق.م) الذي كان كوالده محارباً كبيراً,وكان الوصول إلى البحر المتوسط وإخضاع سورية هدفاً رئيسياً من أهدافه.ولكنه اصطدم هنا بمقاومة الدول الآرامية ضمن تحالف يقوده ملوك دمشق وحماه,في معركة قرقر عام 853ق.م التي شارك فيها نحو ألف راكب جمل عربي إلى جانب التحالف الآرامي. وقد كرر شلمانصر الثالث حملاته على سورية عدة مرات ولكن دون جدوى,وتوفي شلمانصر الثالث وخلفه ابنه شمشي أدد الخامس ومن بعده ابنه أدد نيراني الثالث الذي اتجه نحو سورية فسار حتى دمشق وتلقى جزية من ملكها  ومن أمراء سوريين آخرين ( .واعتلى عرش آشور تيجلان بيليصر الثالث (745-727ق.م) الذي عمل على إعادة الهدوء والنظام بسرعة إلى المملكة,وكان هدفه

تخليص بلاد آشور وبلاد بابل من الضغط الدائم والمتزايد للقبائل الآرامية والكلدانية.وخرج تيجلان بيليصر الثالث عام 743ق.م على رأس جيش قوي ضد أرفاد التي كانت بمثابة روح التحالف. ولكن لم يكد يصل الفرات حتى ظهر له ملك أورارتو الذي كان يطمح إلى طرد الآشوريين من شمال سورية وجرت معركة بين الطرفين وانتهت بهزيمة الأوراتيين وتابع زحفه نحو أرفاد وحاصر المدينة واستولت قواته على البلاد الممتدة من حماة حتى الأمانوس.وعندما سقطت أرفاد ترك ذلك صدى في كل أنحاء سورية,فجاء ملوك سورية يقدمون الطاعة والجزية للمنتصر  .

وخلف تيجلان بليصر ابنه شلمانصر الخامس ومن بعده شاروكين الثاني(722-705ق.م) الذي عمل على إعادة إخضاع فلسطين للسيطرة الآشورية وخلف شاروكين ابنه سخريب الذي وجه حملته الأولى ضد المتمرد مردوك أباك إدينا في بابل وتحول بعد ذلك إلى زاغروس وتلقى جزية من الميديين وتشكل في فلسطين تحالف تحالف معاد للآشورين بدعم من المصريين فقام سخريب بحملة على سورية واحتل أولاً المدن الفينيقية وانتصر على جيش مصري وحاصر أورشليم.

ورث أسر حدون (680-669ق.م) إمبراطورية تعج بالإطرابات فقضى على تمرد قام به إخوته ضده وقضى على تمردات قبائل كلدانية في بلاد بابل.وأخيراً توجه بأنظاره نحو الغرب فاحتل سورية وتمكن من احتلال ممفيس قي مصر.

قام آشور بانيبال عام 648ق.م باحتلال بابل ودمر سوزا العاصمة العيلامية.ولكن العمل الخالد الذي قام به آشور بانيبال وهو تأسيسه مكتبة كبرى في نينوى,مرت الإمبراطورية الآشورية بعد موت آشور بانيبال بمرحلة من الضعف والفوضى,قام عام 625ق.م الكلداني نابو أبال أو صور بالاستيلاء على السلطة في بابل وتحالف فيما بعد مع الملك الميدي كياكسيريس ووضع الحليفان نصب أعينهما مهاجمة بلاد آشور والقضاء على قوتها فسقطت آشور عام 614ونينوى عام 610ق.م.

 

الخاتمة

إن كل دولة من الدول تمر بثلاث مراحل,وهي مرحلة النمو ومرحلة القوة ومن ثم مرحلة الضعف وهكذا نجد أن كل من الحثيين والحوريين والآشوريين والمصريين مرت دولتهم بهذه المراحل.

ففي مرحلة قوة الدولة الحثية مدت نفوذها على سورية ودخلت في صراعات مع المصريين وكذلك مع الدولة الحورية – الميتانية الطامحة في السيطرة على سورية فكل منها كانت تسيطر لفترة معينة وتتراجع في فترات أخرى,حيث أن قوة أي دولة مرتبطة بقوة ملوكها وحنكتهم وقوتهم العسكرية أما ضعفها فيكون نتيجة تسلم ملوك ضعفاء شؤون الحكم,فهؤلاء هم السبب في انهيار الدولة.

وإن كل من الحثيين والحوريين أدخلوا الخيول إلى هذه المنطقة واستخدموها هي العربات في حملاتهم .

 

 

المصادر و المراجع

المراجع العربية:

1- أحمد أمين سليم: تاريخ الشرق الأدنى القديم – دار النهضة العربية , بيروت 1990 م.

2- توفيق سليمان: دراسات في حضارات غرب آسية القديمة – دمشق, ط1: 1985 م.

3- عبد الله الحلو: سوريا القديمة – مكنبة الأسد دمشق : 1984 م.

4- عبد العزيز صالح: الشرق الأدنى القديم – مكتبة الأنجلو المصري – القاهرة – ط4, 1990م.

5- فيصل عبد الله – عيد مرعي: تاريخ الوطن العربي القديم (بلاد الرافدين) منشورات جامعة

    دمشق – 1995م.

6- محمد أبو المحاسن عصفور: معالم تاريخ الشرق الأدنى القديم – دار النهضة العربية – بيروت –

     ط3: 1984 م.

7- أحمد علي إسماعيل علي: تاريخ بلاد الشام القديم – 3 مجلدات و مركز الشام للطباعة –

     دمشق – المجلد الأول – ط1  1998 م.

8- أحمد فخري: دراسات في الشرق القديم – القاهرة – 1985 م.

9- نعيم فرح: موجز  تاريخ الشرق الأدنى القديم – دار الفكر – دمشق – 1972 م.

10- عيد مرعي: التاريخ القديم – منشورات جامعة دمشق – دمشق ط2 1999 م.

11- محمد بيومي مهران: بلاد الشام – دار المعرفة الجامعية – الإسكندرية 1990 م.

المراجع الأجنبية:

1- فيليب حتي: تاريخ سورية و لبنان و فلسطين – جزأن – ترجمة: جورج حداد – عبد الكريم

     رافق – دار الثقافة – بيروت – ج(1) – 1982 م.

2- هاري ساغر: عظمة آشور – ترجمة: خالد أسعد عيسى, أحمد غسان سبانو – مؤسسة

     رسلان علاء الدين – دمشق – ط1: 2002 م.

3- هورست كلينغل:تاريخ سورية السياسي–ترجمة: سيف الدين دياب–دار المتنبي–ط1 1998

4- انطون مورتكات: تاريخ الشرق الأدنى القديم – تعريب: توفيق سليمان, علي أبو عساف

     قاسم طوير.   

 

هورو عثمان 7/11/2005

 

===================

==============

دارسة تاريخية

الصراع الحوري – الحثي – المصري

على شمالي سورية في الألف الثاني قبل الميلاد         

 الجزء الأول

المقدمة:

إن الموقع الذي تميزت به بلاد الشام (سورية الغربية) كواجهة للهلال الخصيب على حوض البحر المتوسط وجسر لتبادل العلاقات الحضارية والتجارية مع البلدان المشرفة عليه.جعل منها في نفس الوقت معبراً لكثير من الحملات وهدفاً للغزوات وساحة تتصارع مصالح القوى الخارجية

وقد تجلى ذلك بشكل خاص اعتباراً من أواسط الألف الثاني قبل الميلاد , أي في وقت كانت قد انقضت فيه عدة قرون على اختفاء إمبراطورية أكاد وزوال هيبتها في كل آسيا الغربية,وكانت فيه بابل تمر في عصرها الوسيط تحت سيطرة الكاشيين و آشور أيضاً في فترة جمود سياسي طويل .

وبلاد الشام التي كانت تحتوي على المئات من الدويلات وأشباه الدويلات كان من السهل,بل ومن الطبيعي أن تخضع في كثير من أجزائها لنفوذ هذه القوى الخارجية أو لسيطرتها الكاملة في كثير من الفترات ........

هذه السيطرة الخارجية استمرت ردحاً طويلاً من الزمن قبل أن تدب الحيوية في الدولة الآشورية وتخرج من جمود عصرها الوسيط لتفرض سلطانها على كل بلاد الشام وبالتالي على كامل الهلال الخصيب ولعدة قرون حتى أسقطتها بابل لتحل محلها في آخر حلقة من ذلك التاريخ الطويل المستقل الذي امتد على ثلاثة آلاف من السنين .

إن زوال سلطة الممالك القوية في الطرف الشرقي للهلال الخصيب وانحصار نفوذها كما سبق قابله في القرون التالية امتداد لنفوذ قوى سياسية أخرى على الطرف الغربي منه .إذ أن ذلك سهل على المصريين من الجنوب والحثيين من الشمال التطاحن من أجل التوسع على حساب ذلك العدد الكبير من أشباه الدويلات في بلاد الشام التي كثيراً ما كان تنازعها مع بعضها البعض يعكس تصادم المصالح بين تلك القوتين الخارجيتين الحثية والمصرية

 أسباب الصراع الحوري – المصري:

بعدما استطاع المصريون التخلص من سيطرة الهيكسوس التي استمرت من 1730 -1580 ق.م اتجهت أنظار الفراعنة في زمن الأسرة الثامنة عشر إلى بسط نفوذهم على بلاد الشام وكان هدفهم الظاهري الحيلولة دون تجدد إنطلاق موجة الهيكسوس من مراكزهم القديمة هناك باحتلال تلك المراكز غير أن الهدف الحقيقي و الذي ثبت من خلال حملات واسعة على مدى حقبة طويلة من الزمن كان محاولة إحياء مصر القديم في بلاد الشام و توطيد سلطتها من جديد أو محاولة توحيد بلاد الشام مع وادي النيل. و من الفراعنة الذين قاموا بذلك أحموس و تحوتمس الأول و لكن ما يهمنا من كل هذا هو كيف بدأ الصراع بين الحوريين و المصريين في عهد تحوتمس الثالث

 (1504 – 1450) ق.م الذي كان قد أدرك بأنه لا يمكن أن يجعل من مصر قوة سياسية عظيمة ما لم يتمكن من السيطرة على بلاد الشام و قد بدأ باحتلال المناطق في بلاد الشام و لكن الدويلات الموجودة في بلاد الشام حاولت المحافظة على استقلاليتها فتركت النزاعات الداخلية جانباً و كونت تحالفاً كبيراً بزعامة مدينة قادش في وسط بلاد الشام و لم تتردد دولة ميتاني في الوقوف إلى جانب هذا التحالف و حماية ظهر الدويلات المتحالفة وهذا يعني بالطبع تخوف الميتانين من امتداد القوة المصرية على شمالي بلاد الشام و تهديد مملكتهم و بالتالي سد الطريق أمام أطماع الميتانيين في بلاد الشام فيما لو استتب الأمر للمصريين فيها . و من الأسباب الأخرى للصراع إنه بعد تأسيس الإمبراطورية المصرية في أعقاب طرد الهيكسوس من مصر (1580 ق.م اصطدم الحوريون و المصريون وذلك عندما لاحق تحوتمس الثالث الهيكسوس في سورية للقضاء عليهم في مراكزهم فنشبت حرب بين الحوريين و جيش تحوتمس سنة 1457 ق.م وكان النصر للمصريين .

و في الحملة الثالثة التي قام بها تحوتمس بالقضاء على الدولة الميتانية التي كانت قد ازداد توسعها حتى دمشق كان هدف تحوتمس الحصول على الخشب لبناء الزوارق لعبور الأنهار.

                      

    الجزء الثاني

   أسباب الصراع الحوري- الحثي:

من أسباب الصراع بين الحوريين و الحثيين كان امتداد نفوذ الدولة الحثية في شمال سورية و ذلك عندما اخترق (لابارنا) أحد الملوك الحثيين جبال طوروس جنوباً و فتح شمال سورية فحمل على مملكة يمحاض (حلب) إلا أنه اضطر على الرجوع على بلاده بسبب اضطرابات داخلية في عاصمته و لكنه جرح في تلك المعارك و مات متأثراً بجراحه بعد الوصول إليها و عندما استلم مورشيلي الأول الذي هاجم سوريا و احتل حلب فخربها و دمرها تدميراً كاملاً إنتقاماً   ل (لابارنا) ثم امتد جنوباً ليتوسع  على حساب الحوريين فحاربهم وشق طريقه في أراضيهم إلى ماري التي كانت قد دمرها حمورابي و كان ذلك في حوالي عام(1590 ق.م)و عندما كان للميتانيين نفوذ واضح على ممالك سورية القديمة ولاسيما يمحاض وألالاخ في القرن الخامس عشر قبل الميلاد (1500–1470) بدأ الحثيون يخططون لإزاحة دولة حوري – ميتاني من طريقهم و ذلك في عهد ملكهم شوبيلوليوما (1380 – 1346) الذي عقد العزم على التخلص من منافسة الميتانيين استعان بصهره الفرعون المصري امنحوتب الثالث الذي رد الحثيين على اعقابهم  ثم اعاد شوبيلوليوما هجومه على الحوريين بعد أن انشغل الفرعون المصري بمشاكله الخاصة فاستغل ود بعض الأمراء الحوريين و عاد أن يقضي عليهم لولا أن نشبت ثورة في سورية فقرر أن يخمدها ثم استغل الآشوريين الوضع وأعادو ما كان قد سيطر عليه الحوريين من أملاكهم ولكنهم لم يقضوا عليهم إلى أن عاد شوبيلوليوما في عهد مايتوازا ابن توشراتا وعقد معه معاهدة التي نصت على احتفاظ الملك الحثي بشمالي سورية أما القسم الثاني من المملكة فقد أصبح تابعاً للملك الآشوري أدد نيراني(1304-1272)وقضى عليها الآشوريين سنة 1270ق.م  إذاً كانت ممارسة الحثيين في نهاية القرن الخامس عشر لسيادة خارجية فعالة تهدف إلى توسيع الأملاك بالسلاح والدبلوماسية أدى إلى الحرب بينهم وبين الميتانيين الذين توحد في عاصمته واشوكاني في القرن الخامس عشر .

أسباب الصراع الحثي –المصري

مرت مصر في أواخر عهد الأسرة الثامنة عشر بمرحلة ضعف وفوضى داخلية وكانت سيادتها على مناطق بلاد الشام قد اضمحلت أكثر من أي وقت مضى أما دويلات بلاد الشام نفسها فقد كانت نتيجة لامتصاص المصريين قومها الاقتصادية والبشرية والعسكرية والسياسية حقبة طويلة عاجزة عن الوقوف في وجه أي قوة منظمة كل هذا ساعد الحثيين في تثبيت سيطرتهم السياسية على كثير من مناطق بلاد الشام. وكان من أسباب الصراع بين المصريين أن الحثيون والأموريون قاموا بعهد أخناتون الرابع(1367-1350)بالقضاء على النفوذ المصري في سورية وهذا ما أدى إلى الحرب بين المصرين والحثيين في عهد حارب محب (1343-1341 )

الذي قام بمحاولة عسكرية لإعادة السيطرة المصرية بالقوة على بلاد الشام غير أنه لا توجد أية أدلة تدل على تحقيقه نجاحاً في هذه المحاولة.في عهد الأسرة التاسعة عشر قام سيتور حتبي الأول(1308-1290)بتجديد العمليات العسكرية في سوريا من أجل امتداد النفوذ المصري وإيقاف امتداد السيطرة الحثية باتجاه الجنوب السوري.وكان من أهم أسباب الصراع في عهد رعمسيس الثاني(1290-1224)ق.م انه رأى لابد من إعلان الحرب على الحثيين لا ينفكون عن تدبير المؤامرات وحركات العصيان على النفوذ المصري في سورية .وقد قام رعمسيس الثاني بحملة على سورية التي كانت موجهة إلى عدوه الرئيسي أمام النفوذ المصري إذ سعت كل من القوتان السيطرة والسيادة على سورية وصعب تجنب الصدام بين الطرفين المتنافسين.ثم أخذ الطرفان باتخاذ الاستعدادات للحرب وكان الملك الحثي هو موتاللي  ثم جرت معركة كبرى بين الطرفين وهي معركة قادش في السنة الخامسة من حكم رعمسيس الثاني (1288ق.م) وقد اختلفت الروايات في من كان قد انتصر في المعركة وبعضها تقول بأنه لو انتصر رعمسيس لاحتل قادش وبعض النقوش الحثية التي عثر عليها تقول بأنها انتصرت ولكن في النهاية توصل الطرفان إلى عقد الصلح بعد أن كان هدف الدولتان التنافس على النفوذ في بلاد الشام  .

 

  الجزء الثالث

 الحثيين

 إن القبائل الحثية استوطنت بعض مناطق آسيا الصغرى في نهاية الألف الثالث قبل الميلاد.وكانت تربطها صلات قربى قوية بقبائل الكنتوم التي كانت تقطن البلقان.وهذا دليل على أنهم نزحوا من هذه المناطق إلى منطقة حوض منعطف نهر ((الهاليس)) في أواسط آسية الصغرى.وهناك نظرية أخرى تقول أنهم نزحوا.

إلى أواسط آسية الصغرى , من المناطق الشمالية الواقعة على سواحل البحر الأسود.

و الحثيون فرع من فروع الشعوب الهند أوربية , وفي حوالي عام 1640 ق.م استطاع أحد ملوكهم "لابارناس" مد نفوذه على أجزاء كثيرة في الأناضول ثم تمكن خلفائه من توسيع رقعة ملكهم.

أ- الدولة الحثية القديمة:

سجلت أحداث هذه المرحلة الممتدةمن (1800-1600 ق.م) في نصوص أرشيف العاصمة الحثية حاتوشا ( بوغاز كوي حالياً ), و تصف النشاطات العسكرية للحثيين في شمالي سورية خلال عهود حاتوشيلي الأول و مورشيلي الأول.

قام حاتوشلي الأول بحملة في الأناضول و في العام التالي اتجه نحو سورية كانت ألالاخ هدفه الأول  حيث دمرها و بعدها ذهب الجيش الحثي إلى أورشو  ومن هناك إلى أجاكاليش و تيشخينيا في منطقة الفرات الأعلى. و في طريق العودة إلى الأناضول, دمرت أورشو ونقلت الغنائم الكثيرة التي حصلوا عليها من هذه المدن و الأرياف المحيطة بها إلى قصر الملك الحثي.

وبعد هذة الغارة الأولى كان على حاتوشيلي أن يحارب في الأناضول نفسها.

وحدثت مناوشاته العسكرية مع الممالك السورية بعد ثلاث سنوات.فقد دمر زارونتي,وزحف إلى خاشووا (ربما مرعش),حيث التقى مع فرق من حلب وجرت المعركة في منطقة جبل أدالور,واحتل خاشو,وأخذ معه تمثال إله الطقس الحلبي كغنيمة .

قام مورشيلي الأول بحملات توسعية بقصد السلب وجمع الغنائم,فاحتل مدينة حلب ذات الموقع التجاري الهام في شمال سورية.واحتل مورشيلي الأول بابل أيضاً وغنم كنوزها ودمرهاً تدميراً هائلاً وحاول الحثيين أن يمتدوا في جنوب بلاد النهرين,ولكن وقفت في سبيلهم دولة البحر

الناشئة, و لم تطل إقامة الحثيين في بلاد بابل و نزحوا عنها بعد أن أضعفوا شأنها في عالم الحرب و السياسة, فخلا المجال للخصمين الآخرين, دولة البحر و الكاشيين.

ب-الدولة الحثية الحديثة:

أخذ الحثيون بعد عودتهم للظهور في منتصف القرن الخامس عشر ق.م , يسترحعون ما فقدوه , ففي عهد الملك الحثي "تود اليجا الثاني" زحف الحثيون على حلب و سيطروا عليها, و لكن حلب ثارت ضد الحثيين و قطعت كل صلة لها بهم و مالت للميتانيين.

في عهد الملك الحثي (حاتوشيلي الثاني) تمكن الحثيون من حلب و ماجاورها, و ترك ملكها منصبه بعد أن أقسم يمين الولاء و الطاعة, مثله كغيره من الحكام الذين و قعوا تحت النفوذ الحثي, بعدها مرت الدولة الحثية بمرحلة ضعف و انهيار أدى إلى عصيان و ثورات و تمرد في الممالك الخاضعة لها و من ضمنها حلب حيث استعادت و استقلالها و تحالف مع الميتانيين.

وقد بلغت هذه الدولة أقصى قوتها في عهد الملك شوبيلوليوما , معاصر الفرعون المصري اخناتون , حيث استغل ضعف جيرانه , فهاجم الميتانيين و نصب صهره على عرش المملكة الميتانية , ثم احتل حلب و تقدم نحو الجنوب حتى و صل إلى مدينة قطنا فدمرها و هزم جيوش مدينة قادش , وامتدت سيطرته حتى مدينة أوغاريت , وهكذا سيطر على قسم كبير من الأراضي الواقعة تحت النفوذ المصري .

   ج- العلاقات بين الحثيين والمصريين:

في عهد الملك الحثي "موتلي" حدث نزاع بين الحثيين و الفراعنة في عهد الفرعون سيتي , الذي تمكن من رد الهجمات الحثية , وتمكن من الاستيلاء على

قادش , فأقام نصبه في قادش بعد انتصاره على الحثيين , لكن الحثيين استعادوا قادش , و عادت المنافسات العدائية بين الشعبين .

و استأنف النزاع لأجل السيادة على سورية بين الإمبراطوريتين المتنافستين على زعامة العالم , حين حاول فراعنة السلالة التاسعة عشرة استرجاع ما عجز آخر ملوك السلالة الثامنة عشرة الاحتفاظ به

و في المعركة قادش المشهورة التي تلت ذلك (نحو 1296 ق.م) لم يكن النصر الذي أدعاه "رعمسيس الثاني" على عدوه الحثي "موتلش" نصراً مبيناً كما أذاع "رعمسيس".

و الحقيقة هي أن "رعمسيس" تمكن بصعوبة من إنقاذ حياته عندما تعرض لكمين بطريق الحيلة و عمل هجوم المركبات الحثية على تفريق محاربيه , و قد اضطر بالنتيجة إلى الانسحاب من سورية الشمالية و الوسطى و إلى توقيع ميثاق عدم اعتداء نحو عام (1280 ق.م) مع حاتوشل أخي "موتلش" وهذا هو الميثاق الوحيد الذي و صلنا من العصور القديمة. و اعترف الميثاق بأن سوريا الشمالية و من ضمنها أمورو أصبحت حثية بينما بقيت سورية الجنوبية بما فيها فلسطين تحت الحكم المصري. و احتفظ بنسخة من الميثاق الأصلي منقوشة على لوح فضي باللغتين المصرية الهيروغليفية و البابلية المسمارية .

د- وضع سورية في عصر السيطرة الحثية:

لم يجر الحثيون تعديلات هامة, في حدود أراضي إمارات سورية مقسمة مجزأة مفككة الأوصال مقسمة بين النفوذين الحثي و المصري.و سلك الحثيون على الصعيد الاقتصادي نفس الطريق الذي ساروا عليه في "كبادوكيا" هو أسلوب الإقطاع الزراعي. حيث جعل الملك الحثي نفسه السيد الأول على جميع أمراء النصف الشمالي من سورية و الإقطاعي الأكبر فيها.

و كان الحثيون يدمرون معابد الآلهة الغريبة عن طباعهم و حضارتهم , كما فعل مورشيلي في مدينة بابل و ذلك على عكس موقفهم من معابد و آلهة الإمارات القريبة حضارياً منهم , و كان الملك "شوبيلوليوما" في محاولة منه للحفاظ على مؤخرة جيشه المتقدم خلال العمليات العسكرية في سورية , نصب أحد أبنائه المدعو "بياشيلي" نائباً له على عرش كركميش , و أوكل إليه مهمة مراقبة أوضاع سورية الخاضعة للسلطة الحثية.

و ثار أمراء سورية التابعون للحثيين ضد التواجد الحثي بعد وفاة الملك "شوبيلوليوما" و لكنهم فشلوا في التخلص من الحكم الحثي في كركميش قمع كل ثورة مضادة بمساعدة إمارة "عمورو" التي ظلت على ولائها التام للملك الحثي.

و بعد فترة من الانحطاط سقطت الإمبراطورية الحثية حوالي 1200 ق.م بتأثير هجمات شعوب البحر (أي من منطقة بحر إيجة) و قامت في شمالي سورية على أنقاض الإمبراطورية الحثية ممالك صغيرة مراكزها كركميش و حلب و حماه. و كان الآشوريون يسمونها ممالك حثية. و كان قيامها في عصر توسع الإمبراطورية الآشورية الناشئة نحو الغرب التي كانت دوماً تهدد كيانها و سقطت الواحدة بعد الأخرى فريسة للدولة المتوسعة من الشرق. و كان فتح كركميش في عام 717 ق.م على يد سرجون الثاني عنوان انتهاء آخر دولة حثية مستقلة .

 

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة

هورو عثمان 21/10/2005

 

 

أترانيم شجرة الزيتون أم نهر عفرين

 

/ الرسالة الثالثة /

رائحة الصغيرة                        

صغيرة السيدات

ملاك الملائكة

رائعة الروائع

قولي...

أي رائحة

تفوح منك..؟‍

أهي رائحة آدمية...؟؛

أم أنّها..

نفحة الورود الزاهية..؟‍

بتُّ أشك..

في تلك الأنفاس السحريّة

في ذلك العبق الصيفي

الأنثوي..

الممزوج

بحنين مطمئن

على جسد يئن

فلكِ مني السلام

عطر وحيد

مغلف

برائحتك

  ****

أمل يجوب

عتبات الدنيا

يا أملي

  ****

دررك مأساتي

احتراقك هو

مصدر عذابي

فهل ستصبحين

جمرا في أشلائي..؟

إن شئت كوني...

فقد أقصيتك من عيوني

فلا بعد اليوم

لدررك مكان

في قلبي المطعون

يا زهرتي أرنو...

    ****

جبلي...شرقي...شقي أنا

وبإرادتي عمرت السهول

من الكفاح مجبول

ومن أجله مجهول

دفعت الكثير...

تجرعت مرّ السعير..

فتقطري عشقا

وكوني لي

نشوة العمر القصير ....

  ****

يا حبيبتي    

ظلمت نفسك

بصنع تاريخ حزين

فعيشي يومك

كما تبتغين..

فالرب قال:

إن لنفسك عليك حق

فلِمَ الوجوم ..؟

والدموع

لربها تصوم..؟

لِمَ الشك والقلق

والتهرب والنفاق

والخبث في النفوس

قد أنزلق..؟

لِمَ العيش

في أسر الماضي..؟،

والتفكير بأحلام وردية...؟

لماذا؟!

أنت لا غيرك

همي

يا موجعة قلبي

يا مسببة حزني

يا من جرعتني الأسى

علقما

سألتك بالله

لِمَاذا... ؟!

 ****

من المذنب ؟!

من الذي استكبر فأبى..؟

وأطفأ شوارع عمري

وترك الشباب

يذبل

في حانات الهجر

 ..........

هجرتني

رغم تفجر ينابيعي

قذفتني

بنيران بغض

رغم تدفقك في شراييني

............

حائر أنا

و طعنات الخلف

توجعني

أتفاجأ...

أندهش...

أستغرب...

لأسأل أهل الحكمة

عن حيرتي...

عن قلق يلف...

سؤال تائه...

فهل الحب والحقد

يتعايشان؟!

أم أنه الصمت

عجز الجواب

أمام

حكيم لقمان

فليتذكر...

من يبتغي التدبر

كلمات

في قاموس عشق

وذكريات 

تدون

بحبر الدمع

وتحلف بدم العهد

 ألا فراق

ولكن الهجر

ووعود المعسولة

شتّت

ضفائر العشاق

يبقى السؤال

يلوح

في تعرجات

الخيالات...

رغم رمح العتاب

من المقربين

فسرّ هو

ما ينتاب

قلوب المتيمين

ولغز يمنع

إقرار الجبهتين

رائعتي

أعبر الآفاق

أسبر الأعماق

وأعبد مسافات الوفاق

أقطع جسور النفاق

لأكحل عيني

بعينيك اللوزتين

وكوفيتك المزركشة

كقوس قزح

على الجبين

كثلج  في تشرين

يهطل

على نعش حزين

أجلسي  بجانبي

كما كنا...

لا كما صرنا...

لتأخذنا الهمسات بعيدا

لحدود السماء

في نشوة سكر

تأبى إلا

أن تستكين

بين سحب مسالمة

تستقبل

طهر الروحانيين

في المساء

  ****

قلبي الكبير

إرادة حديدية

تتحدى...

تقف ندا لكقأاااااتاالت       نتاااةة

  ربللب

ظمكحنمم

حتى يوم الدين

  ***

أرسلت لك أحلامي

يا من في قلبي تمكثين..

بحبر زينفون

لصغيرتي الزيزفون

ببريد الرياحين

لوحدك أرسلها

بعطر الزيتون

****

فكنت تتمنين

أن تصلّي بقربي

فصلّيت

والآن

ماذا تبتغين..؟

كنت مجهولة الهوية

ساذجة الفكر

إلى حد البراءة

فصعّدتك كنجمة لتكوني

امرأة القرن العشرين

من فتاة قروية

أنهلتك دمي

فأصبحت تضلين

 ترفضين..

أيقظت فيك

أنوثة نائمة

والآن تثورين

وبوجهي تعصفين

وأعطيتك

كل منزلة...

لعلك ...

ولكنك يا صغيرتي

أقسمت

 ببحر الغرور

أن تسبحين...

واتخذت من وشاحه

ضياعا

للهوية

وقاتلت حبي

بكل ما تملكين

جرثومة أنت 

وعندما نفد الوقود

أبيت قرع أجراس

الكنائس..

وإشهار شعار التوبة

في المساجد...

حتى تعمدت قتل الربيع

دون رحمة..

وذبح كل الذكريات

دون

بادرة من حنين

وأمسيت مجرمة

القرن الحادي والعشرين

     ***

   وقفت تأمل

مُسَمّرًُُ

أمام نافذتي

أتأمل

شروقك

 مبعثر

بألوان نَفَسك المعطر

ماذا أفعل

بجسد متناثر

ويا نفس

لما لا تتوب عن حب عاثر

لا تجمع

بقايا سطوري

من قفص الأمس

مللت من حجر

لا يبالي

بعبير أنفاسي

فتشتت

تناثرت

تبعثرت

توغلت

في

حيرتي

كعصفورة

مشلولة الحس

وهي حية تسعى

تمتص كل عمري الخاسر

تحيطني مثل سجن

لتجردني من اللمس

موت هو ذا حياتي

عبث هي كتاباتي

إحساس عشق

منذ ولادتي

فشعوري يخترق

نبرات حنجرتي

يا عمري

باتت كلماتي

أوسع من دائرة ظلماتي

والصمت بات هويتي

فقررت

انتزاع الشراع

من سفينتي

لأطلب

من جنون البحر

صفيحاتي

نار تتأجج بداخلي

فأرسو

في بحر ضياعي

وأعلم

قطرات مفقودة

بين رماد الحزن

أقف في وحدتي

أواجه أشباح البحر

ولا تنتهي معركتي

  ****                                         بقلم:أ.هورو عثمان

                                      عفرين 8/2/2005 م موبايل095241388

E.mail:horee@maktoob.com                                                   

 

======================

                    

      إلى متى ...                   (( 2 ))

وطير العشق

غائب عن بالنا..؟!

إلى متى

ساحة فكري مشتتة

أحتى المدى... !؟.

لست أدري

منذ سنين

لِمَا الأوهام

تحاصرني..؟!

لِمَا الحبّ

غائب عنّي..!؟

فجئتني ...

تلملمين ذكرياتي

وتنيرين لي

سبل الحياة 

أعرف أنّ

دربك طويل 

وسبل الاقتراب

منك قصيرة  

ماذا أقول

لحبّة كرز ضائعة..؟!؛

تبتغي ارتداء

ثوب قديم 

ثوب تضيّعها

 في خيالات

عالمها الجنوني  

أجيبي

يا سكرة روحي

أو امنحيني 

الجواب اليقين

لنقترب أكثر فأكثر

ونتّحد كزهرتين

في شجرة زيتون

في جبال عفرين

       ***

 همسات حروف أعطّرها

ليصل شوقي إليك  

مرا سيلا  أسربلها

لك  وحدك

وأرسل

وردة زهريّة

عبر كتيباتي

تحمل حروفا

من اسمك

رغبة للعودة إليك 

فخشيت شمسا

تحرقني

خوفا من أرض

تبتلعني

فيخيب ظنّي

يا غيورتي الصغيرة

             فاذكري حكاياتي               

لتعودين

لليراع الممزوج

بأنفاس حناني

لتتزيني  كعروس

في أحضان الربيع

       ***

لِمَ استبدلت

الربيع بالخريف

وتجاهلت كل كلماتي

ونسيت كل مواقفي ؟

       ....

ابتغاء قلب يتأمل

تذكار همساتي

ونفحات قراراتي

     ****

رائعة حبي  

ارحلي

إن كنت تبغين

 الرحيل...

أوعودي

لحديقة ذكرياتي

لدفء صدري الرماديّ

لكن!..

تذكّري

 يا صغيرة حبّي

أنّك أحدثت خللا

في جسدي

استصعب

على الحكماء كشفه

ارتكبت جنحة

لقلب بريء

تملؤه

الجروح والآلام

يبتغي الشفاء

ففاجأتني

بقدومك

كملاك سماء

 تنزلين... 

        .....

لذيذة كنت

كذكرى بقيت

رغم قسوة الفراق

كقلب في انشقاق 

ذكراك باقية

في الفؤاد

وسهام تمزّق

عروقي...

حائر أنا

في إطلاق أحكامي

وروعة حبّي

بعد انبثاقي

أتعودين إلى صدري

 الرمادي ؟!..

لست أدري

فأفكار تحاصرني

والكآبة ترتسم

على وجهي

وترافقني...

فهل ترممين

جراح صدري

وتحملينني !!؟

وفي عشّ الاستقرار

تضعيني ...

فقرّري ما تشائين

فبات الأمر لا يعنيني

إن حكم عليك الناس

فدعيني

أقاسم وحدتي

بآلام تأكلني

فإن اخترت ذلك

فلا تفكري بعد هذا

فيني... 

           ***

المحاكم بيننا

  ففكري....

أي قرار تختارين

نار هجري...

أم جنة قربي ..؟!!

*****

  سحقت

ُسحقت

في ذاتية التوّله

 وبعثرت أشلائي

كنثارات عشق

على زهور الرياض 

كقطرات ثلج

على أوراق البراري

كدمع يتناثر

في مهب الفضاء

أزفّك لعريس غيري

لأبارك طقوس الفرح

وأنت ستظلّين قاتلتي

في كبريائي المطعون

سوف أزفّ

ألمي الحزين

بطقوس النسيان

علّي أدخل

بحور اليقين

***

أيّ فؤاد

في قفص سجين

تضمّين...

يا حزن أحلامي

يا سياط حرماني

يا صخرة فولاذيّة

على شاطئي الرمليّ

المعتق

المتين

يا من سقيتني

من رحيق عطرك

جرعة

لحزن قديم

وحدتي تقاسم

جراح قلبي

فاضحّي ..

بجمرة النوى

متاهات عشقي

 الأليم...

  ****

    Email : horee@maktoob.com            بقلم : أ.    هورو عثمان    عفرين1 / 1 / 2005

 

 

===================================

 

 

               أ ترانيم شجرة الزيتون

                        أم نهر عفرين؟! 

 إهداء ...

أهدي رسائل أشعاري التي عنونتها ب ( أ ترانيم شجرة الزيتون أم نهر عفرين؟!)

أسطر رسائلي علّها توضّح هويّة الإنسان وتكشف عن خلجات النفس .

إلى فتاتي التي لم تأت بعد .

إلى غجرية أحلامي...

ُتملئ عيني،وتخفق قلبي،وتهز كياني،وتروي ظمئي.

إلى من تتوفر فيها هذه الصفات أوردها لها وحدها،

في مقدمتي لأن أنوار مدينتي أطفئت.

أتساءل متهكما!

من هي؟

من تكون ؟

أين تسكن؟

أ في بقاع العالم هي

أم في بوابة قلبي ؟!

أينما تكون

أحبها

أتوق لرؤيتها.

لكن أملي

أن تكون فتاتي من تراثي الغابر

" تُبعث من أنفاسها رائحة جبالي

وعفوية وطيبة جداتي

 وأنوثة فينوس الإغريقية

 وجمال أناهيتا الهورية "

لتطفئ تلك الحسرة، رجاء حياتي.

لأغمض عيني في قبري.

وأنا راض من كبرياء نفسي العزيزة في اختيار شريكة دنياي.

 لعلّي أخمد حسرة من حسراتي.

 رغم معرفتي وحكمتي،بعدم اكتراث نفسي للحسرات كثيرا ، حيث إيماني القوي يرفض أن يكون أسير لها.

لكن تبقى في حياة الإنسان نوازع و نواقص كثيرة لا يستطيع بلوغها، فرغم صراعه مع الزمن لتحقيق أكبر قدر ممكن من الممكنات،يبقى دائما مشغول البال ويعاني من معايشة القلق كإنسان ينطلق ويبادر وغير راض عن كمية ما حققه رغم تفوقه على أقرانه في صنع تاريخه،حيث تنهك قواه وتتلاشى عزيمته وإصراره وتتدهور صحّته،ويسبقه الزمن كثيرا،فيقرر الانسحاب من سباقه الزمني هذا، لتأخره عن الزمن بمقدار تعجز العين عن رؤيتها،فيلتفت إلى الحياة ليعيش رتابتها مثل بقية الأفراد في قضاء أوقاتهم.

لكنه سرعان ما ينفر من هذا النوع من العيش لتدخّل المسوغات الكثيرة لا يعرف مصدرها أو ظروف غيبية لا يعرفها ( يسأل حيرته )؟!

 فتجبيه:

ألغاز مجهولة ربما يكون القدر.

نعم القدر...

هو الذي يعيده إلى سباقه الزمني ليصنع  مستقبلا مجهول الهوية مقدر عليه.

قلنا الصراع مع الزمن لا ينته فلقد انعكس في الكينونة وولّد من جرّاء ذلك تحدٍ في أعماقه منذ نعومة أظفاره بين ما يريد أن يكون مستقبله كما يبتغي ويتحقق ذلك كنتيجة حتمية وطبيعية لتعبه مع سباق الزمن ( وهذا ما أؤمن به ) وبين القدر الذي يفرض عليه مستقبلا وكأنه يقول له:(مهما تعبت فأنا من يرسم لك غير ما تسعى إليه،ثم يُنزل في نفسنا وعقلنا السكينة و نرضى بها).

وهنا تكمن الإشكالية

حريتي أنا مقابل قدر مفروض

هنا نجري مقارنات بين ما نريد،وما يحققه القدر كخطوة بنائية لكل من الذات و الآخر.

كما أهدي عطر كلماتي إلى جميع المراهقات والعفيفات من الفتيات قبل إقبالهن على سن الرشد و اختيارهن شركاء حياتهن و رسم مستقبلهن العلمي والعملي.

وأهدي بدء تحياتي لكل من الأخوين الشاعر هشيار عبدي والكاتب الأخ الأستاذ ريبر أحمد  على كتاباتهما الغزيرة التي تنبع من فكر عميق وأصيل و لا تخلو من التعقيد.

 وهنا أسرد معاناتي المدفونة بمقدمة :

حدائق حزني

 سأسرد أسايّ

من عشق دفين

لعاشق متيم                                                                   

بوجه حزين

مرارا أموت

يا قمري  المغنّى

 بسكر الجحيم

 يا قلبا ساهرا

في ذكر حلم يهيم                                                            

أهديك سحر أشعاري               

من هوى لا يلين

أهواك أنا ...

بعهد العاشقين

حلفتك                                          

فلا تشكّين

***

 موتي

 لحظة ريبتك                                                                       

وانتظاري

انتحار

 

يسرق الرونق

 من شمس عشقي...

***

فافهميني

وأنقذيني

 من تيهي

ومن أرقي  

لتعود إليّ

البسمة

وتغدين أميرة

مملكتي

على عرشي

تتربعين

يا حمامتي

    ****

أخطأتُ برسم المثل

لمستقبل لازورديّ....

مثالي أنا

رومانسي

بتلوين الطرق

طريقي أنا

طويل

بلون ورديّ

   *****

 خياليّ أنا

يسبق السباقين

في خَلق بديع

 منه ينبعث

تراث الأجداد

في

ثوب الحداثة

اتهموني

بعاشق خبير ...

قذفوني خلسة

بسهام مسمومة

وقطعوا دروبي

خفاء....

حاولوا طعني

من خلال

محبوبتي

عَبثا...

********

لكنّني..

أندفع

رغم طراوة عودي

لمخاطبة نجوم

عساني أن أضاهي

خطباء الرومان

شيشرون..!!

والإيجاز كان عنواني

والنبالة مبدئي

رغم تفوقي

بقوة إيماني

من ثقة اليقين

بصنع تاريخ

بوجداني...

 ***

انجرفت فتاتي

إلى تيار الأعداء

وأبت إسعافي

فتهاوت مجنباتي

لتذيب أملي المنشود

......

لا...

و ألف لا

مهما اتهمتني

بالغرور

وتركت دمائي تسيل

 في القبور

تتذوق مرارة العلقم

بصمت يلازمني

وأمل يتلاش

فوق جبيني

 ******

توغلتْ

في الازدواجية

عندما

أعلنتُ قربي

اندهشتْ

من كنوز حبي

وتكبرتْ

 بعد انتشار الصدى

تهلهلت

صيحاتُ الرّفض

وتركتني وحيدا

أقاسي

أطياف الهجر

    ****

فتاتي لم تأب

فراوغت طلبي

ولم تختار دربا

لتستقر

في قلبي

فتركتها

منتظرا

فاتحا لها

صدري

********

 غروب الشمس

وقفة مع الغروب

بغياب شمس النهار  

وقفت أمام شرفتي

أتأمل البحار

أبدأ برسم

أحلامي المبعثرة

وأقف أمام شواطئ

 الأنهار

لألملم أوراقي

وألتقط ألوانا

من خلجات وردية

تنقذني

من ضياعي

       ***

تائه أنا

مشتتة أنت

ممزق أنا

مبعثرة أنت

بين أوراق متشرذمة

وحيد أنا

وريقاتي متناثرة

أجمعها

فلا أقدر

فتقولين لي

كفى لوما

فبحر الحبّ

 قد أشفق

فأقول لك

البشر كلّهم

من حجر

وحجر الصوان

 قد أوجع

أعالمي في طور

التغيّر!؟....

 تتخبطين أنت 

أندفع أنا

أتشتت

بأحلام مولعة

 أنا كلّي مبعثر

وأفكاري

 لم تعد مرتفعة

لا أفهم

 سرّ الحياة

مهما ِسرت

 في قفصي مسرعا

فعبث هو ذا

حبّي الصامت

وكتاباتي

أحاسيس ساطعة

وعشق الشعور نحوك

 يا وردتي

 يتخطى

ترانيم حنجرتك

ليسمعك

صوتي الحزين

فتقولين لي

_شذى عمري_

كلماتك

كشفاه متضرعة

فأقول

مشكلتي أنت

صمت كون

تأمل بحر

بعواطف متأججة

يا زهرتي

نيرانك

موجعة روحي

اتركي مرساتي

 كي أبحر

فسيلان الدم

في عاطفتي

 قد اندفع

فتقولين 

بيننا عراك

خسرناه 

فقطرات الماء

في جوف الأرض

قابعة 

وأنا رماد السكوت

منذ أن عشقتك

أمست درري

في ذاتها

متقوقعة

يا حبيبتي

لا تتركي

حروفي تتوه عنك

وتغيّب عنّي

ابتسامتي

وتجفّ الدماء

 في شراييني

و أوردتي

متشمعة...

منذ هجرك

يا ريحانة عمري

أمسى جسدي هزيلا

بحقول عيناك عليلا

مطروحا في أرض

جرداء 

فأمطري

حياة

لنعيش معا

     ***

    عفرين 11 / 12 / 2004 بقلم :أ.هورو عثمان

    

العودة إلى الصفحة الرئيسية