تيريج عفرين

تمتاز منطقة عفرين ( منذ القديم ) بصناعة البسط اليدوية ، وقلما خَلَّتِ البيوت ( في القرى المنتشرة على الجبال والسهول ، والمتجاوزة 350 قرية ) من الآلة البسيطة ( كأنوال ) لانتاج هذه البسط من الخيوط المغزولة يدوياً ، والمصبوغة من الأصباغ المستخرجة من بعض النباتات أو الثمار الحراجية التي تكسو الطبيعة الجميلة.

إن الآيادي الماهرة للمرأة العفرينية بأذواقها الفطرية ، كانت تتفاعل ذهنياً مع الحبك والنقش البديع ، فتخرج البسط مفخرةً تشتهر بها الصَّبايا وربّات البيوت ، وتزدان بها المفارش والأكسية ، وواجهات الجدران ؛ للمجالس ، وللضيوف ، ولمعالم العش الزوجي . تضفي على المساكن والمجالس العامة صور الطبيعة الخلابة ، وتوحي إلى النفوس الظامئة بلاسمَ السكينة والأنس ، بعد العناء الطويل في الأرض والشجر والثمر 000 خاصة؛ تلك النقوش المستوحاة من مظاهر الطبيعة (( موئل الإلهان الشاعرية )) ، مثال : الكرمة ، أو الزهرة ، أو الحصان بفارسه ، أو الخصر النحيل ، أوعيون المها 000 وغيره من الفنون التي تحاكي حياة الانسان العفريني ، وبيئته الجذابة للعيون الحالمة .

هذه البسط الزاهية بألوانها ، وبأحجامها ؛ كانت نتاج آلة النول البسيطة ، والتي تتألف من :

أولاً : وَتَدَينْ ثخينتين مغروزتين بإحكام في جانب من الدار الكبيرة والطويلة غالباً ، أو في فنائها صيفاً ، يقابلها وَتَدان أخران على مسافة تحددها الغاية من البساط المختار بالقياس المطلوب ( عرضاً وطولاً ).

ثانياً : وثمة عارض ثخين وراء كلٍ من الوتَدَيَنْ ، يُلَفُّ عليهما خيوط السُّدى الطويلة الأساسية لعملية الحبك ، حيث يتاح للعارضَيْن شَدُّ الخيوطِ بالمقدار الكافي للعمل .

ثالثاً : آلة فرز خيوط السدى السفلية عن العلوية ( منصوبة على عمودين صغيرين قابلين للحركة 00 ) تتيح رفع الأسداء السفلية وخفض العلوية لتمرير بكرة خيوط اللحمة ، وتثبيت النقوش المصممة .

رابعاً : مشط حديدي مسَنَّن يدوي ، لترصيص خيطان اللحمة والنقوش ، حتى إذا انتهى صنع البساط ، عمد إلى تحرير السجاد من الربط السابق بالآلة ، ثم تخاط الشُّقق الفجات ببعضها بما يتلاءم مع المخطط المصمم وفق الحاجة والطلب .

للبسط العفرينية أنواع هي :

بساط مو - هري MUHRI يصنع من شعر الماعز مع صوف الغنم ، انجازه سريع ، نظراً لخلوه من النقوش باستثناء خطوط طولية متباعدة بألوان تغاير لونه الأسود غالباً
البساط القطني   ذو اللون الأبيض ، يتخلله خطوط ملونة على أبعاد طولية مُنَمَّقّة .
البساط المُنَقّش   هو الأكثر انتشاراً ورغبة ، ومصنوع من الصوف بنقوش كثيرة وبديعة ، لاتتعدى ألوانها : البرتقالي ، والأصفر ، والأحمر ، والخضر .
بساط بدانهْ Badana يتكون من ثلاث شقق ( فَجَّات ) بلونَيْن ، أحدهما في الوسط ، وهذا النوع النادر والنفيس ، تزينه نقوش خاصة جميلة .
بساط برده Prda المعروف بـ (( بردا - بوكا )) ستار العروس ، وهو خاص بغطاء الفرش للضيوف العزيزين ، أو لستار العش الزوجي ( حيث يخصص جانب من الدور الواسعة غالباً ، لزواج أحد أبناء العائلة ، ويبقى هذا الستار معلقاً عدة أيام 000 ونظراً لنفاسة هذا النوع من البساط ؛ لايقدم على صناعته إلا المرأة الماهرة جداً في هذه الآلة ، وهو يُعَدُّ من أرقى أنواع ا البسط و أجودها ، والأكثر نقوشاً وألواناً .
البسط الصغيرة الخاصة بـ الصلاة أو السُّفرة أو مهد الأطفال   تضفي عليها الأيدي الفنانة أرقى النقوش وأجملها
هكيب Hakip وهو الخرْج الخاص بالمسافر لوضع أمتعته في عِدْليه على فرسه أو راحلته

والمؤسف أن هذه الصناعة قد آلت إلى الاختفاء تدريجياً ، حتى لم يعد لها وجود منذ أكثر من ( 20 ) عاماً ، وباتت آلة النسج ( تفن ) خبراً محذوفاً لكان ، بعدما حلت الأنوال الحديثة الآلية .

المصدر : زكريا شيخ كيلو مهتم بصناعة البسط العفريني

جميع الحقوق محفوظة لموقع تيريج عفرين 2024