الفن والثقافة والتراث هوية الشعوب ... فلنحافظ على تراثنا الفلكلوري الكردي ..... لمتابعة آغاني الملاحم الكردية والتراثية اضغط هنا  ::::   أحبتي زوار موقع تيريج عفرين ..... قريباً سيعود الموقع إلى نشاطه السابق . ::::   آخر لقطات بعدسة تيريج عفرين .... شاهد الصور  ::::    شاهد الآن كليب تيريجن عفرين 4.... تيريج روج آفا - الجزء الرابع  ::::    الوديان في منطقة عفرين ... اقرأ المزيد  ::::    سياحة من تراثنا الشعبي ..... المضافات في منطقة عفرين ودورها الاجتماعي  ::::   أهلا بكم في موقع تيريج عفرين ....... Hûn bi xêr hatin :::: 
EN
Fri - 29 / Mar / 2024 - 9:31 am
 
 
http://www.tirejafrin.com/site/bayram.htm
حوارات من قلب الحياة » د. عثمان رشيد

د . عثمان رشيد : من حَجِّيكُو .. إلى : عَبَّارة حلب

أجرى الحوار

د . حسن عبدالمجيد والمخبري نشأت زيبار

ـ حَجِّيكُو ؟!.. تلك القرية النائمة على هامش التاريخ ، القابعة في قِمَّة القِمَم ، حيث تشعر بأنك تقترب شيئاً فشيئاً من الحقيقة المطلقة .. لكنك ما تلبث أن تراها سراباً !..

 كانت تلك البلدة النائمة في قِمَّةِ جبال راجو ، تغطُّ في نوم عميق .. منذ عشرات العقود من الزمن .. بِكْرٌ في طبيعتها وبساطة أهلها ؛ إلى جانب صلابتهم التي أعانتهم على تَحَمُّل الصِّعاب والمشقات ... القرية التي خَلتْ ذاكرتـُهَا من احتمال مغادرة أحَدِ أبنائها .. صَمْتَهَا الطبيعيَّ الآسِر ؛ بسُدُودِهَا الصَّخْريَّة المتعاقبة .. وبمَسَاراتها الوَعِرة التي رَسَمَتْ (على شاخصة تاريخها ) آثارَ خطواتِ سالكيها .. توحي إلى رَوْع آهِلِيهَا : اِسْتقِرُّوا في مَلاذِ أمنكم .. حَذار حَذار من فتكي وبطشي .. إذا تَخَطـَّيْتمْ  حدودَ الوُعُورة .. إلى عالم حلب الفسيح !!..

 ذلكم من وَحْي السمفونية النـَّاغِمَةِ لِطبيعة قرية حَجِّيكُو !!.. يَوْمَ كان زادُهُمْ من خيرات بعض كروم العنب وأشجار الزيتون .. حيث تنعقد عليها آمالُ كلِّ رَبِّ أسرةٍ أن يكبر أبناؤه ، ليقتبسُوا من آبائهم فـَنَّ الفلاحة بالمحراث القديم ، الذي يجره بغل أو ثور .. وتنتهي عندها الأماني العِذاب .. وكذلك الحال لِمُعْظم القرى السَّادِلَةِ على تلك الجبال البعيدة  الطيبة ، التي كانت لا تعرف إلا الصدق والرجولة والصلابة وشدة البأس ؛ الأمرَ الذي فطمَ أهلها على الشجاعة والإقدام ..

ـ لم يكن عُمَرُ (أبو عصمت) يختلف في حلمه عن سائر الآباء في القرية ؛ بأن يكبر ولده عثمان ، ليساعده في عمل الأرض ... هكذا عاش أهله من قبلُ ...

 لم يطرَأ في بال ذاك الصغير عثمان (وهو يتدرَّجُ خطى طفلته) ؛ أنه سيتمَرَّدُ يومًا على صلابة صخور الجبال .. مُوَلـِّيًا عنها ، وهو العاشق الرَّاقِصُ فوق المروج ، الطفل المشحونُ بعبق الحرية وبارتياد الجبال الشامخة .. خاصَّة ؛ يوم ما كان يقطع الوديان الوعرة والسواقي الجارية (يوميًّا في الذهاب والإياب) لِلدِّرَاسةِ في مدرسته ببَلدَةِ راجو (مركز الناحية) ، حتى نمى فيه طموحُ الاستعلاء على صلمود الصُّخور ذروة قِمَم الجبال .. والهًا بمزيدٍ من رضاعة ألبان العلوم والمعرفة ..

 وعلى الرغم من عدم اقتناع والده بمُخَطـَّطِهِ الفكريِّ ؛ تابع التعَلـُّمَ وتفوّق في منهله حتى الانتهاء من المرحلة الابتدائية في راجو ، واقتضت الضرورة متابعة المرحلة الدراسية التالية في بلدة عفرين البعيدة .. البلدة التي لم تمسَّهَا أقدامُ

أهالي قريته والقرى المحيطة بها .. فأنـَّى لهُ أنْ يرتادَ الخوض في هذا الغمار .. مع حياتهم البسيطة القائمة على (كسرات الخبز والماء ، وشُحِّ الزاد السنوي المتراكم من ضحالة موسم العطاء للزيتون والعنب  ).. كيف بـ عثمان الصغير أن يعيش وحده في تلك المدينة البعيدة عفرين !. المشهورة بأخبار المدارس والشرطة والحدائق والـ والـ ... لولا أنَّ حلمه الذي يدغدغ آماله ، كان أسمى من كلِّ العوائق الآنية والمتوقعة (الطموح والثـِّقة بالنجاح) .

ـ وبشوقيات عثمان الطموح .. وسريان روح الفداء الأبوي !!.. وافق الأهل على انتقاله إلى بلدة عفرين ، ليشارك زملاءَهُ في استئجار غرفةٍ مع جيران آخرين من أبناء المنطقة .. يطبخون ويغسلون حَسَبَ قدراتهم .. (غرفة هي مكان   نومهم وطعامهم وحَمَّامِهم).. موقدهم (بابور الكاز) لجميع الحاجات .. ويا للحسرة من تناوُبِ الاستحمام في العتبة أيام الشتاء الباردة (بمثابة عقوبة عسكرية) .. البابور يسخِّنُ الماءَ (على الدَّوْر) فيغتسلُ الواحدُ تَلـْوَ الآخر .. ويا لَهَوْل جَرَيَان الهواء القارص من الشقوق الكثيرة للباب .. حتى تتذبذب درجات حرارة الجسم .. هبوطا كثيرًا بلسعات زمهرير الشتاء ، واعتدالاً بانسكاب طاسات الماء الساخن !!.. وما أن ينتهي المستحِمُّ ؛ حتى يَرْجُمََ الحمَّامَ بألفِ حسرة ومذمَّة ..

 وأمَّا عن غسل الملابس ؛ فحدِّث بالمآسي ولا حرج .. الأيادي هي الغسَّالة  وفرش النوم حتى الصباح .. هي مكواة البناطيل والقمصان ؛ جبرًا لخاطر المعلم .. الذي لا يقبل دخول طلاَّبه المدرسة إلاَّ مُرَتـَّبين .. بعدما صاروا في المدرسة الإعدادية ، وبدأت طلائع شواربهم بالظهور ، التي تنبئُ بقدوم رجولتهم ...

 وبجوار هذه المحن ؛ تابع عثمان دراسته الإعدادية .. فالثانوية بنجاح (خلافا لكثيرين من رفاق دربه) .. انبثاقاً من تلك الطاقة النفسية المتنامية يوماً بعد آخر ، والإرادة الصَّلبة من خلال الصعاب والمحن .. بصلابة أهل الجبل وصمودهم ، فاستثمرها في دروب حياته السابقة واللاحقة ..

 ثم كان المرحلة الصعبة الأخيرة .. بدخول إرهاصات المدينة .. فعايشها صامِدًا صُمُودَ طبيعة قريته حَجِّيكَا أمام ظُرُوف الطبيعة .. إلى أن تخرج طبيباً (طبيب حجيكو) وكان رائداً في مجاله .

ـ وظل عاملاً بنفس الطاقة الرَّائدة .. حتَّى باغته مرضٌ عصبيٌّ عضال خلسة .. منذ أكثر من عقد ونيف من الزمن ، وبقي عثمان ذاك الطفل والطالب العنيد ذو الإرادة الصلبة .. بقي حيًّا في عالـَم أحاسيسِهِ النَّابضة ومشاعره النَّاهضة .. حتى نَحَلتْهُ تلك الإرادة قوة في الاستمرار . يملك الأمل دوماً ، ويشعر بأنه لا بد وأن يكون هناك حلٌّ لمرضه المستعصي على التخاذل والانكماش .. فهو يعايشه بين الكَرِّ والفرِّ .. هجومًا ومهادنة ، ولا يستسلم أبداً .

 هو الجبلي العتيد ، ليس لليأس إلى سَريرته منفذ ، ولا لأمواج طموحِهِ حدودٌ .. يزيل الصخور ليزرع أشجار الزيتون ، فيزين الجبال إلى أعلى قممها كما السهول ؛ ليترك بصماته على الطبيعة ، وليثبت لها بأنه قادر على مقارعتها وتحدِّي صعابها ..

 من حجيكو .. القرية الصغيرة على مرتفعاتٍ جبلية ؛ قطع المسافات عبر السنوات ، ليصل إلى حلب ، وتحديداً العَبَّارَة ، وما زال شامخاً على آفاق هذه السنين .. ليقول كلمته :

أنا موجود رغم الألم ، ولا زلت أملك الأمل .. قيمة الإنسان لا تثمَّنُ بما يصل إليه ، وإنما تثـّمَّن بجوهر الآمال العِظام التي يسعى إليها توَّاقـًا للوصول إليه

 

ï س1: السيد الدكتور عثمان رشيد ؛ حبذا لو تعطينا نبذَة عن حياتك ومراحل دراستك ، والتجارب التي مررت بها ، والعبر التي استخلصتها من حياتك الدِّرَاسِيَّة والعملية ؟.

ج: ـ ولدتُ عام 1954 في أعلى قمة جبلية في قرية تابعة لناحية راجو (منطقة عفرين) ، تدعى حجيكا . وترعرعت في أحضان هذه القرية النائمة بين الأحراج والأدغال والصخور ، و أخذت من صلابة هذه الجبال وقوتها .

ـ بدأت حياتي الدراسية عام196 عند الخُوجَة ،  وكان يدعى الأستاذ عاشة  في قرية مجاورة لقريتنا ، تدعى عطمان .

و جدير بالذكر أن نظام الدراسة عند الخوجة ، لم يكن بالسنين ، وإنما بانتهاء الصف الأول ينتقل مباشرة إلى الثاني ، فالانتقال إلى الثالث ... وقد انتقلت إلى الصف الرابع في أقل من سنة حسب نظام الخوجة . ولظروف نجهلها ؛ أنهى الخوجة مدرسته ، قبل أن أبدأ بالرابع …

ـ أخذني والدي إلى مدرسة راجو (الابتدائية الوحيدة)، وطلب من مدير المدرسة تسجيلي في الصف الرابع ، حسب نظام الخوجة . لكن المدير رفض ذلك ، وقال له : وَلـَدُكَ في السابعة من عمره ، فلا يسمح لنا بتسجيله إلاَّ في الصف الأول .. لولا التماس الأستاذ المشرف (الذي كان يختبرني بعرض بعض الصحف ؛ فأقرأها أمامه بسهولة وإتقان) توسَّط لدى مدير المدرسة بضرورة تسجيلي في الصف الثاني .

ـ في المرحلة الابتدائية .. كنت استيقظ يومياً في السادسة صباحاً ، لألحق بمدرستي في الثامنة ؛ بسبب وُعُورة طريق الجبل الذي لا يخلو من الحيوانات المفترسة .. وتحت هطول الأمطار الغزيرة والثلوج المتراكمة طوال فترة الشتاء .

ـ ولا أنسى فطوري الصباحي اليومي (اللبن ودبس العنب) إلى أن أكملت سنوات المرحلة الابتدائية الست ، و تقدمت لامتحان الشهادة الابتدائية في عفرين ، فأحرزت الدرجة الأولى بين زملائي في ناحية راجو .

ـ وفي عام 1966 تابعت دراستي الإعدادية في عفرين ، ولضيق الحال ؛ كنت أعيش في غرفة واحدة مع اثنين من رفاقي (وأحياناً ثلاثة). حيث كانت الغرفة نفسها تستخدم للنوم والدراسة والطبخ والاستحمام والجلوس . وكانت أجرة الغرفة آنذاك 18 ليرة سورية ، نشترك نحن الثلاث في دفعها . ولم يكن لدينا في الغرفة كهرباء ،  ندرس على ضوء مصباح الكاز القديم . وكانت الدار مؤلفة من ثلاث غرف ضمن حوش عربي .. الغرفة الأولى يسكنها العجوز صاحب الحوش مع زوجته ، والثانية لنا ، والثالثة يسكنها ثلاثة طلاب من قرى عفرين إلى انتهاء العام الدراسي .. ثم نعود في السنة التالية لنستأجر غرفة في بيت آخر ، وبنفس المواصفات .. إلى الصف التاسع ..

ï وإحدى التجارب التي مررت بها أثناء دراستي الإعدادية :

قبل بداية الصف الثامن في العطلة الصيفية ، كنت أعمل مع والدي في الزراعة والحراثة . وبافتتاح المدارس ؛ طلب والدي أن أستمر في عملي وأن لا ألتحق بمدرستي !.. رفضت ذلك بإباءٍ قائلا : سأذهب إلى مدينة حلب لأعمل في أحد مطاعمها ، لأكسب رزقي ، فلا أكون عالة عليك .. منعني باتـًّا .. فالتجأتُ إلى بيت أختي الكبيرة في قرية مجاورة مستجيرًا بها ، فأعطتني خمس ليرات سورية .. وتوَجَّهْتُ إلى عفرين في اليوم التالي ملتحقا بأصدقائي في غرفة جديدة و لم يكن لديَّ كتبٌ مدرسية سوى دفتر واحد حصلت عليه من زملائي .

و بعد أسبوع من الغياب عن البيت ؛ حضر والدي إلى المدرسة ، وعند اللقاء به ؛ أمرني بترك الدراسة والذهاب معه إلى القرية للعمل فيها ... فتدَخَّل أحدُ الطلاب من الصف المجاور لصفنا قائلاً : ماذا تقول يا عمِّي ، أنا لا أعرف ولدك  ولكن نسمع أن عثمان رشيد في الصف المجاور ، هو الأول في كل المواد .. فكيف تطلب منه تركَ المدرسة .. ونحن ماذا نفعل هنا... فاقتنع والدي بالبقاء في الدراسة ، بشرط الانتقال إلى مدارس حلب ، حيث التعليم فيها أفضل .

أجبته : يكفيني البقاءُ في عفرين ، وقد كنت الأوَّلَ في الإعدادية بعفرين عام 1968 .

ـ في المرحلة الثانوية : التحقت بثانوية الكواكبي بحلب عام 1968/1969 .. سكنت كل سنة في غرفة مماثلة للأخرى من ناحية الشكل .. ثلاثة طلاب في غرفة واحدة للدراسة والاستحمام والطبخ و النوم .

 أثناء دراستي كنت مثابرًا على الدراسة وكُلِّي أملٌ بالدرجة الأولى في المحافظة ... خاب فألي ، وحصلت على مجموع يؤهلني للدراسة في كلية الطب البشري .. التي لم أكن أحلم بها في صغري ، بَلـْهَ تكملة دراستي ، بسبب المعارضة الشديدة من والدي ، وكنت الوحيد في قرية حجيكا والقرى المحيطة بها أدرس المرحلة الجامعية في ذلك الوقت ، ولكن الآن يبلغ عدد الجامعيين في نفس القرى أكثر من مائة وينطبق ذلك المثل الشعبي المعروف : العنب ينظر إلى العنب الأسود بجواره فيصبح أسود مثله .

ـ المرحلة الجامعية :تابعتُ الدراسة في كلية الطب البشري عام1971/1972.. المهنة الإنسانية النبيلة .. التي تخدم طبقات الشعب كافة ..  كنت الوحيد من منطقة عفرين .. وانتهيت من الكلية بعد 6 سنوات ، وتمَّ قبولي  بالمفاضلة في اختصاص ( أذن ، أنف ، حنجرة) في مشفى حلب الجامعي .. وأنهيت الاختصاص سنة1982 .. بتقديم فحص الكوليكيوم في دمشق ، وكنت قد افتتحت عيادة كطبيب عام سنة 1979 0

ـ كنت مثالياً جدًّا في معاملتي مع المرضى وشرائح المجتمع ، و خاصة أثناء وجودي في مشفى حلب الجامعي " فترة الاختصاص" .

س2 : متى بدأت معاناتك مع هذا المرض ، وما أسبابه ؟.

ج : لقد انتقلت من فلاح ذو الأربعة عشر ربيعاً يمارس الأعمال الريفية في القرية كافة .. إلى طبيب أخصَّائي وجراح " أذنية " في مركز المدينة حلب .. وبدأت السهام تترامى إليَّ من كل حدب وصوب ، سهام الحقد والكراهية والكيد من الأقرباء والأعداء والنساء .. حتى باغتني هذا المرض بعد سنة من تخَرُّجي ، ولا أدري حتى تاريخه أي سهم من تلك السِّهام كان السبب الفاعل .

وكيف .. ولماذا .. ومتى ؟. بدأ مرضي بداية 1983، وكان بشكل ضعف الحركة في ساقي اليمنى ، مع تزايدٍ تدريجيٍّ ببطءٍ . ثم سَرَى الضعفُ إلى يدي اليمنى بعد 7 سنوات .. ثم انتقل الضعف إلى رجلي اليسرى بعد 7 سنوات تالية .

ـ أجريت الكثير من الاختبارات والتحاليل الطبية والصور الشعاعية اللازمة ؛ فلم نَرَ سَبَبًا مقنعًا لهذا المرض .. على الرغم من سفري إلى ألمانيا وبلغاريا ولبنان والأردن والسعودية ودمشق ... كل المحاولات ذهبت أدراج الرياح .. عبثا ؛ بدليل جَهْل السبب والعلاج الناجع .

ـ خدمت كثيراً من المرضى ، وفي جميع الأمراض .. بمشفى حلب الجامعي وبطرق شتى .. وكنت السبب في إنقاذ حياة الكثير من الناس في شتى مجالات الحياة خلال ثلاثين عاماً ... ولكن هل لم أرى أحداً ينقذني من براثن المرض ومخالبب القدر الأسود الذي حلَّ بي ...... فما وجدتُ أحداً بجانبي في أزمتي الحالية .

س3 : يقال : المصاب بمرض ما ؛ يكون حكيماً في أمور كثيرة ، فما رأيك ؟

ج : عندما يصل بنا المرض إلى أن نجلس على الكرسي ، و لا نستطيع المشيَ ، باقين في الإقامة الجبرية ، يضطرُّ المرء لِلـُّجُوء إلى الأعمال الدماغية والعقلية أكثر .. فيكون حكيما أكثر 0

س4 : هل هذا المرض دفعك إلى تطوير مهنتك ، والانكباب على الدراسة ؛ للإحاطة بجميع معارفِ مهنتك ؟. وهل المصاب جعلك تيأس من الأمل ؟ وما رأيك بالأمل ؟.

ج : أنا لم أفقد الأمل ، مادمت أقاوم المرض . بدأت بممارسة الرياضة يومياً والسباحة في الصيف ، منذ 18 سنة " صباحَ مساءً " . وقد استفدت بعض الشيء في تحسين حركة يدي وقدمي ، لم .. ولن يثنيني عن متابعة آخر أخبار الطب ، وعن كل جديد في اختصاصي ... وما يدور من حولي .

س5 : كيف تمضي حياتك اليومية مع أهلك .. أصدقائك .. مرضاك .. والمراجعين ؟.

ج : أبدأ يومي بالرياضة على دراجة ثابتة ، بعده السباحة في الصيف ، ثم بعد الفطور الصباحي الذي تقدمه لي والدتي : آنَيْ زَلْ ، أستقبل المرضى في عيادتي الملاصقة لمنزلي ، وذلك بمساعدة مُمَرِّضي إبراهيم الذي تعَوَّدَ على عملي ومساعدتي منذ10 سنوات . وعند انتهاء دوام العيادة في المساء أمضي إلى منزلي لأستقبل البقية المتبقية من أقربائي وأصدقائي .. ومعهم .. أنْسَى مَرَضِي بعض الشيء .

س6 : ما الدروس و العبر التي تودُّ أن تقدِّمََهَا لهذا الجيل ؟.

ج : * الطالب الذي له أساس متين سينطلق بسرعة و يتفوق بجدارة … بدليل أنني عندما كنت طالباً ؛ لم أقصِّرْ في مساعدة زملائي لِفَهْم الدروس .

* وكما قال المؤرخ البريطاني ( أرنولد توينبي ) : التحَدِّي هو العامل الأساس في بناء الحضارات .

وكان التحدِّي لرغبات والدي (بترك الدراسة) عاملَ بَذلِ الجهد أكثر ، حتى أصِلَ إلى ما وَصَلتُ ، ولم تدخل (كلمة الفشل يومًا) قاموسي أبدًا ؛ لولاَ أنَّ القدرَ المُرَّ كان ينتظرني بالمرصاد !!.

* و كما يقول وليم شكسبير : يمكن للمرء أن يتحكم بكل شيء ، ولكن لا يمكن أن يتحكم بقدره .

* و إنني أرى الحياة في المقاومة ؛ لذلك تجدني مستمرًّا في مقاومة مرضي لأبقى على حالي أو أتحسن ، و أن لا أتراجع إلى الخلف .

* ما أتمناه من الآخرين عدم نسيان الوفاء للآخرين ، وللأوفياء من حولهم . وعليهم الاستمرار في دعوة الجيل إلى الأخلاق والعلم والأدب قبل أي شيء . 

* كانت قناعتي عند تَخَرُّجي سنة 1978؛ أنَّ أيَّ شخص من أبناء هذا الوطن يهاجر (سواء كان طبيباً أو مهندساً أو...) ؛ يكون مجرماً بحق المجتمع ، لكن الآن تغير كل شيئ .

أجرى الحوار الدكتور حسن عبدالمجيد والمخبري نشأت زيبار

تيريج عفرين 9 / 6 / 2008

طباعةأرسل لصديق

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

إسمك :
المدينة :
عنوان التعليق :
التعليق :


 
حوارات من قلب الحياة » د. عثمان رشيد

http://www.tirejafrin.com/index.php?page=category&category_id=204&lang=ar&lang=ar